عرض مشاركة واحدة
قديم 16-10-2009, 03:25 AM   #2
عضو لامـــــي مميز
 

الصورة الرمزية صقر بن عدوان
 

تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 833
آخـر مواضيعي
 

افتراضي رد: عبدالله المغيره ..المؤرخ والمثقف النجدي أيد الدوله العثمانيه ثم انقلب عليها

القصيم منطقة إصلاح نموذجية
* وذكر أن الصراعات السياسية الداخلية بين بعض الأسر الحاكمة في المنطقة، سوف تتيح تدخلا من جانب الأجانب في شؤونها، مما يتطلب اتخاذ تدابير حكيمة من الدولة العثمانية والقيام بإجراء إصلاحات إدارية شاملة، إلا أن «خطط الإصلاح في المنطقة لا يمكن تطبيقها دفعة واحدة، فلا بد من التمكن من أهم موقع في المنطقة، وجعله مبدأ متينا لإجراء الإصلاحات فيه، ليكون سورا واقيا يحمي البلاد من كافة المفاسد التي يمكن أن تقع». وقد عدّ المغيرة منطقة القصيم مؤهلة للقيام بإجراء إصلاحات إدارية، تكون نموذجية في ما بعد.
ومن هنا فقد أورد معلومات عن جغرافية القصيم، فذكر أن «منطقة القصيم يقطنها من سبعين إلى ثمانين ألف نسمة، تحدها من الغرب الحناكية التي تقع في الحدود الشرقية للمدينة المنورة، ومن الشرق سدير، ومن الشمال قرية الكهفة الملحقة بجبل شمر، ومن الجنوب قرية السر». مشيرا إلى أن القصيم ينقسم إلى قسمين: القسم الأول هي بلدة بريدة، وعدد سكانها ثلاثون ألف نسمة»، أما «القسم الثاني فهو بلدة عنيزة، ويبلغ عدد سكانها خمسة وعشرين ألف نسمة، وما عدا ذلك هناك عدد من القرى، يتجاوز (مجموع) عدد سكانها العشرين ألف نسمة: «ونظرا لكون معظم أهالي القصيم يشتغلون بالتجارة، فإن تجاراتهم محصورة في البصرة وجدة وبومباي. وهم وان كانوا في داخل الممالك العثمانية، فمنقادون للدولة، مطيعون لها. وان كانوا في الممالك الاجنبية فيراجعون القناصلة العثمانيين في البنادر، لأجل تجاراتهم. ونظرا لاختلاطهم (أي التجار) بأجناس كثيرة، فهم متيقنون من أن بلادهم لا يمكنها العيش في حالة البداوة. ولذلك فهم يرون ان التسليم بحقوق الدولة (العثمانية) أمر لازم. وبناء على أنهم رأوا العديد من البلاد المنتظمة (أي المتمدنة)، وأنهم يقدرون نعمة التمدن، كما هو أمر طبيعي، فإنهم يفقدون مصالحهم في حال البداوة والتوحش، ناهيك من الاستفادة من البداوة مثل سائر العربان. وهم وان كانوا في الوقت الراهن لا يحبون أن يبقوا تحت إدارة نظامية، الا انهم لا ينفرون منها أيضا.
ثم تحدث عن حدود القصيم الجغرافية، معرفا بالمناطق الملاصقة لها، فقال: أما الحدود الثلاثية للقصيم فهي أولا قرية (منطقة) السر، التي يحدها من الشرق الوشم، ومن الغرب الصحراء التي تمتد الى الحجاز ومن الشمال القصيم، ومن الجنوب بلدة القويعية الموصلة لحوطة (بني) تميم. وتتكون (أي السر) من سبعة آلاف نسمة.
وتحدث عن منطقة الوشم فقال: يحدها من الغرب السر، ومن الشرق سدير، ومن الشمال الصحراء ومن الجنوب الجبل المسمى بالعارض. وأهم مدنها (أي الوشم) بلدة شقراء، التي يشتغل أهلها بالتجارة مثل اهالي عنيزة. ومجموع عدد سكانها (أي الوشم) عشرون ألف نسمة.
وعرف عبد الله المغيرة بحدود ومنطقة سدير فذكر انه يحدها من الغرب الوشم، ومن الشرق صحراء الدهناء التي تمتد الى الخليج العربي، ومن الجنوب العارض، ومن الشمال القصيم، ويبلغ عدد سكانها خمسة وعشرين ألف نسمة أو اكثر واهم مدنها بلدة المجمعة. ونظرا لكون اراضيها منبتة، فإن أهاليها يتوقون دائما الى الامن والراحة والجهفة (والكهفة) تابعة الآن لجبل شمر.
ثم تحدث عن العارض فقال: هي عبارة عن الجبل الكبير والوادي الواقع في شرقه، ويحدها من الشرق صحراء الدهناء الممتد الى الاحساء، وغربا ديار حوطة (بني) تميم، وشمالا سدير وجنوبا منطقة الافلاج وأهم مدنها بلدة الرياض. واذا ما اضيف اليها الخرج والمحمل فإن عدد سكانها (أي العارض) يبلغ خمسين الف نسمة. وأكثر اشتغال اهلها بالامور الزراعية.
ثم ذكر ان منطقة حوطة (بني) تميم يحدها من الشرق العارض ومن الغرب الصحراء الممتدة الى الحجاز وشمالا السر وجنوبا الافلاج وأهم بلداتها الحوطة.. وعدد سكانها أكثر من خمسين ألف نسمة واراضيها زراعية خصبة وصالحة للنخيل وأهاليها على البداوة الاصلية للغاية.
وذكر معلومات عن منطقة الافلاج، فقال: يحدها من الشمال حوطة (بني) تميم، ومن الجنوب وادي الدواسر، ومن الشرق الصحراء الدهناء، ومن الغرب الصحراء الممتدة الى الحجاز وعدد سكانها يتجاوز ثلاثين ألفا، وليست فيها بلدان مهمة، بل انها تشمل اثنتي عشر بلدة وعدة قرى واسرة آل مغيرة التي انتسبت اليها هي التي تدير شؤونها وهي تقيم احيانا في بلدة ليلى واحيانا اخرى في بلدة البديع، واراضيها خصبة للغاية وبها مياه كثيرة الا ان تجارتها قليلة.
ثم انتقل عبد الله المغيرة الى الحديث عن منطقة وادي الدواسر ويحدها من الشمال الافلاج ومن الجنوب نجران التي تمتد الى الجوف ومن الشرق صحراء الدهناء ومن الغرب بلدة بيشة التي تمتد الى جبل عسير وأهاليها حضر وبدو يشتغلون بالزراعة، الا ان الوضع الاجتماعي فيها سيئ للغاية، ولا تدار الا بشق الانفس، ويوجد في كل قرية شيخ يدير شؤونها بشكل مستقبل. وهم (أي الشيوخ) يتنافسون فيما بينهم، ومرجعهم جميعا شيخ يدعى ابن قويد. والمنطقة المذكورة تمتد على هذه الشاكلة من الشمال الى الجنوب ومن الشرق صحراء الدهناء التي تمتد الى خليج فارس وغربا الحجاز والصحراء المتصلة بجبل عسير وطولا مسافة شهر تسير فيها القوافل ويشكل مستطيلا.
* الدرعية في تقرير صحفي قبل 125 عاماً.. كانت مدينة عامرة وطيبة المناخ وسكانها 100 ألف
* أصحاب الأغراض وقفوا في وجه صحيفة «المنبه» التي كان ينوي إصدارها بالعربية
* وثائق ذات دلالات مهمة
* وطرح الباحث نماذج من تقارير ولوائح عبد الله المغيرة لها دلالات مهمة حيث ورد في الوثيقة الأولى المؤرخة في 20 سبتمبر 1890م والموقعة باسم عبد الله المغيرة من اشراف ( أعيان ) نجد انه وبناء على ما فُهم من خطاب ورد في بداية المحرم من عام ألف وثلاثمائة وثمانية فإن حاكم مسقط وفي اثناء قبوله للحماية الانجليزية (طلب من الانجليز) ارسال ضباط لتدريب جيشه، وتزويده بعدد كبير من الاسلحة، مما يمكنه من خلال ذلك زيادة قوته، والتمكن أولا من عمان وثانيا من منطقة حضر موت، وانه يبقي حاكم البحرين في حكمه، مع ضمها وتسخيرها ويسعى (أي حاكم مسقط) من جهة أخرى الى توسيع نفوذه في منطقة نجد ايضا من الجزيرة العربية والاستيلاء عليها، وفي هذه الحال سيكون خادما لتحقيق الاهداف الانجليزية، حيث تقرر كل ذلك بين الطرفين (أي حاكم مسقط والانجليز).
أما الوثيقة الثانية فتضمنت بعد الدعاء لجناب السلطان بالتوفيق والسداد وطول العمر انه بموجب الأمر السامي الصادر بتاريخ 1871م، قام والي بغداد مدحت باشا بنشر اعلان عن استخدام اهالي نجد في الدوائر الحكومية، وشجعهم على الانخراط في الوظائف الحكومية، الا ان البدو الذين لم يفرقوا بين ما يعود لهم بالنفع او الضر قد حرموا انفسهم من هذه النعمة، غير ان ذلك قد ادى الى نتيجة ايجابية من الناحية المعنوية لدى بعضهم، ولقد اصبح يرد الى مسمعي يوما بعد يوم صدور مراسيم سلطانية تتعلق بمصالح الملة الاسلامية كافة والعرب خاصة، وذلك بعد جلوس جناب السلطان عبد الحميد الثاني على اريكة الحكم، ومن ضمن ذلك التوجه السلطاني ما صدر من جناب السلطان من مكرمة في حق عبد الله باشا ابن ثنيان وهو من الامراء النجديين الذين هاجروا الى البصرة معلنا اخلاصه للدولة وقد التجأت انا ايضا الى باب الخلافة العلية، بغية تحصيل سعادة الدارين، مضحيا بوضعي ومستقبلي ازاء وطني وقبيلتي، فهاجرت الى البصرة عام 1878م، وتوقفت فترة من الوقت في العراق بغية اخراج بعض الاراضي المكتومة الى حيز الوجود وبعد ان حصلت بعض المعلومات في هذا الصدد التي كلفتني بعض المصاريف، وبعد تحصيل موافقة الباشا المذكور (أي والي بغداد) توجهت الى مكة ومنها عن طريق الديار المصرية وصلت في يونيو 1880م، الى دار القرار (أي اسطنبول) فأقمت فيها ثلاث سنوات في المابين الهمايوني، الا انه بالنظر لكون عبد الله باشا قد عين عضوا لمجلس شورى الدولة برتبة أمير أمراء الروملي الرفيعة ومنحت انا ايضا في البداية الرتبة الرابعة ثم حولت الى الثالثة، ونظر لعدم التجاء فرد من اهل بلادي التي هي الديار النجدية الى باب الدولة العلية حتى الآن، وبما انهم ينظرون الى من يلجأ اليها بنظرة عدائية لا يمكن تصورها، كما هو الأمر المعتاد لديهم، وبما ان عودتي الى بلادي بعد مكث دام ثلاث سنوات سوف تستلزم مخاطرة كبيرة بحياتي، فإن توجهي الى بلدي بهذه الحالة اليائسة، سوف يؤدي الى خيبة أمل بعض الاهالي المحبين للدولة بصدق واخلاص، ونظرا لأنني لم أجد حلا آخر هنا اشتغل به سوى قضاء الوقت، فقد قمت من جهة بتطهير اذهان الاهالي المذكورين من لوثة أرباب الفساد الرامية الى تشجيعهم ضد الدولة واخبار الدولة باخلاصهم وخضوعهم لها، والقيام من جهة ثانية بالتعريف بالحقوق المقدسة للخلافة العظمى لأهالي الجزيرة العربية، خاصة بلاد نجد واليمن وغيرهما من البلاد البعيدة، والذين يعيشون فيها على الحالة البدوية، والعمل على الترقي بهم وايجاد سبل الرفاه لهم من خلال ابراز طريق توصيل اشفاق جناب السلطان اليهم، فقد قصدت تحقيق هذين المقصدين العظيمين، كما اني استرحمت بمنح امتياز اصدار صحيفة عربية اسبوعية لي، تنشر في اسطنبول باسم «المنبه» وقد صدر المرسوم السلطاني بذلك، فقمت بصرف المبالغ الاولية اللازمة مما كنت املكها، بل انني على الرغم من استدانة بعض المبالغ في هذا الصدد، فإنه في الوقت الذي كان العدد الأول من الصحيفة في المطبعة، فقد قامت إدارة المطبوعات بتوقيف الصحيفة، ولما بحثت الاسباب الموجبة لذلك الاغلاق تبين ان بعض اصحاب الاغراض قاموا بعرض الموضوع على جناب السلطان بخلاف الحقيقة بعد ان هذا المسلك الجليل سوف يضر بمصالحهم، وبناء على ذلك فقد نجحوا في اصدار مرسوم بالغاء الصحيفة، حيث لم أتجرأ على عرض الخسارة التي لحقتني من جراء اغلاق الصحيفة، خوفا من اصحاب تلك المصالح ولما كنت في البصرة فقد عرضت على جناب السلطان الجداول الخاصة بالاراضي المكتومة في المنتفق وذلك في عام 1886م، وسجلت في الخزينة الخاصة السلطانية وتحقق بذلك عدد من الفوائد وبناء على الأمر السلطاني السامي الصادر في 1888م، وحتى تتم زيادة الواردات التي تعود الى الخزينة الجليلة وبموجب الاقتراح الذي قدمته والذي يتكون من سبعة بنود بشأن ضريبة العشائر ورسوم البصرة وغيرها من المواد النافعة، فقد حصلت نظارة المالية واردات جمة، وبالإضافة الى ذلك توجد لدي معلومات مالية وسياسية في غاية الأهمية فإن صدر الأمر الكريم فسوف أقوم بتقديمها وبناء على ما سبق ونظرا للمعروض الذي سبق ان قدمته عن وضعي، فقد صدر أمر ولي النعمة باستخدامي في نظارة الاوقاف، الا ان النظارة المذكورة قد ذكرت انه لا توجد لديها في الوقت الراهن وظائف شاغرة، وبما ان وضعي الآن مثل ما عرضت على جنابكم على حاله السابق، فإنني في أشد الحاجة الى مساعدة ولي النعمة من جميع الوجوه، وذلك بتوفير راتب لي، يؤمن معيشتي، اما بتوظيفي في معية جناب السلطان أو في أي دائرة من دوائر الحكومة بوظيفة مناسبة والأمر والفرمان واللطف والاحسان في كافة الاحوال لجناب سيدي السلطان صاحب الشوكة والقدرة والعظمة والرحمة.
* أما الوثيقة الثالثة المؤرخة في 12/10/1888م فقد جاء فيها :
* سيدي صاحب الدولة:
* إنه بموجب الاستدعاء الذي قدمه عبد الله المغيرة أفندي ـ من أشراف نجد ـ فقد تم بطيه تقديم المذكرة التي تحوي الاتصال الذي تم مع المشيخة الإسلامية حول تبديل رتبة رؤوس التدريس إلى إدارية من الدرجة الثالثة. وفي حال صدور موافقة جناب السلطان. فسوف يتم تنفيذ ذلك.
* الصدر الأعظم كامل
* (الحاشية) لقد تم إطلاع جناب السلطان على هذه المذكرة السامية، وصدرت موافقته الكريمة على ما جاء فيها. والأمر والفرمان لحضرة من له اللطف والإحسان.
9/10/1888م المستشار الخاص لجناب السلطان.
وفي الوثيقة الرابعة كتب عبد الله المغيرة بك إلى مقام الصدر الأعظم ما نصه سيدي صاحب الدولة:
استناداً إلى ما تتصفون به من شمائل عالية وصفات حميدة من جانب الرحمن، فإنني أعرض موضوعي على النحو الآتي:
إنني من أشراف نجد ومن أعضاء مجلس إدارتها (أي من أعضاء مجلس إدارة لواء نجد)، وقد سبق أن قدمت إلى جناب صدارتكم معروضاً بتبديل الرتبة العلمية التي حزتها إلى رتبة إدارية، وصدرت موافقة جنابكم على ذلك، وبعد التنسيق مع المشيخة الإسلامية ووصول الخطاب الجوابي منها، سُئلتُ إن كانت لي وظيفة حكومية أم لا؟ فأفيد معاليكم إنني من أشراف نجد، ومن أعضاء مجلس الإدارة فيها. وقد نلتُ التوجهات السلطانية من جميع الوجوه. أما المعروض الذي قدمته بتبديل الرتبة العلمية، فكان مستنداً على أن رتب الاشراف والعلماء كافة في نجد من الرتبة الإدارية. ولذلك طلبتُ تبديلها إلى رتبة إدارية على غرارهم. وبما أن أهل الشرق والغرب حاصلون على مساعدات من مقامكم كما هو أمر مسلم به ، فأرجو أن احصل انا ايضاً على تلك الرتبة، لأدعو لكم بالخير طول العمر إن شاء الله. وإذا تطلب الأمر فيمكنني تزويد مقامكم الكريم بكيفية توظيفي كما سبق. وأرجو من مقامكم التشفع في الأمر، وأن أحظى بتوجهاتكم الكريمة. والأمر والفرمان لحضرة من له اللطف والإحسان.
التوقيع : عبد الله المغيرة بك
وجاء في الوثيقة الخامسة التي كتبت بتوقيع عبد الله بك المغيرة بتاريخ 18/5/1888م ما يلي:
سيدي صاحب الدولة:
(بعد الدعاء لجناب السلطان بالتوفيق ولدولته بالسداد وطول البقاء) إن مقدم هذا المعروض من أشراف نجد، وهو على الولاء والإخلاص للدولة العلية أباً عن جد. وبالنظر إلى الاستدعاء الذي قدمته بتحويل الرتبة الثالثة التي حصلت عليها من قبل إلى رتبة إدارية، وهي موافقة لأمثالها. وبما أن أكثر الحائزين على الرتب العلمية من الحجاز والعرب قد استبدلت رتبهم إلى رتب إدارية، فالمرجو من مقامكم الكريم الموافقة على تبديل المرتبة التي حزتها إلى ثانية إدارية. والأمر والفرمان لحضرة من له اللطف والإحسان.
وسجل الباحث صابان الوثيقة السادسة التي تعد نماذج مترجمة من تقارير ولوائح عبد الله المغيرة والموقعة باسم الصدر الاعظم – المستشار أمين والمؤرخة في 15/12/1913م وجاء فيها :
الباب العالي سري الموضوع: بشأن عبد الله المغيري دائرة الصدارة الذي توجه إلى البصرة مكتب الولايات الممتازة إلى نظارة الداخلية الجليلة سيدي صاحب الدولة:
لقد ذكرت الأخبار الواردة أن شخصاً يسمى عبد الله المغيري قد توجه إلى البصرة ونجد، للقيام بأعمال خاصة، حيث أفيد أنه مرسل من قبل الإنجليز.
وبما أن المفتشية العامة فوق العادة في مصر ركزت على ضرورة رصد تحركات المذكور، فالمرجو إبلاغ من يهمهم الأمر بذلك. وإخبارنا بالنتيجة.
ويشدد الباحث الدكتور سهيل صابان على انه يتضح فيما سبق أن العثور على وثيقة عن شخصية أو موضوع ما، غير كاف للحكم عليه بالنفي أو الإيجاب، بل لا بد من البحث عن وثائق أخرى، تجلي الموضوع حقه من البحث والتوضيح. ومن هنا فإن الوثائق الخاصة بالمدة المتقدمة عن علاقة عبد الله المغيرة بالدولة العثمانية، تخالف الوثائق المتأخرة عنه في الأرشيف العثماني. فوثائق المدة الأولى تبين توجهه إلى اسطنبول ومكثه فيها مدة من الزمن، ومحاولته إصدار صحيفة عربية فيها، بينما تبين الوثائق المتأخرة عنه أنه تحول إلى شخص معاد للدولة العثمانية، وأنه يجب ترصد حركاته في نجد على وجه الخصوص.
ومن جهة أخرى تبين مجموع الوثائق التي عرض بعضها أن عبد الله المغيرة كان شخصية ثقافية وسياسية، وكان لديه إلمام جيد بأوضاع المنطقة: سواء في الفترة الأولى من علاقته بالدولة العثمانية. أو في الفترة الثانية التي انتقل فيها إلى مصر، ثم رجع إلى نجد. لكن السؤال الذي يطرح في هذا الصدد والذي يتطلب الإجابة عنه، ولعل أحد الباحثين يقوم بكشف ملابساته، هو لماذا غير عبد الله المغيرة موقفه تجاه الدولة العثمانية؟
* صحيفة لم تر النور
* وحول الصحيفة التي كان ينوي المغيرة إصدارها باسم «المنبه» فقد أوردت صحيفة الحقائق (وكما جاء على غلافها الخارجي فإنها كانت: جريدة سياسية إخبارية، تصدر في كل أسبوع مرة، وأكثر من ذلك عند اللزوم، ولا تقبل إلا ما كان مختصاً بالمنافع العمومية، ومحل إدارتها بالمطبعة العامرة وصاحب امتيازها ومحررها: أبو النصر السلاوي) في عددها العاشر الصادر في يوم (السبت الأول من عيد الفطر المبارك سنة 1203هـ) تحت عنوان: ينحسم الجدال وينفض ختام هذا الإشكال: يا لله العجب، ما يلي:
«بلغنا أن جريدة تسمى (المنبه) يراد أن يعطى امتيازها إلى رجل يقال له عبد الله المغيرة، تابع عبد الله باشا (الثنيان) النجدي، المعلوم الأحوال والأطوار عند عموم البصريين والعراقيين.. فبلغ بنا العجب إلى أقصاه، حيث علمنا من بعض المصادر الموثوقة آنذاك الرجل (أي صاحب امتياز المنبه: عبد الله المغيرة) هو رجل أمي لا يفك الخط، ولا يحسن شيئاً من القراءة أو الكتابة مطلقاً جملة كافية.
زيادة على أنه من عامة الناس الذين لا يصح إدخالهم في عداد المستخدمين فضلاً عن إدخالهم في سلك أرباب الجرائد التي هي اليوم أهم ما يكون في نظر العموم، لما يتعلق بها من الملاحظات الدقيقة السياسية الجديرة بالاعتناء والاهتمام من قبل الحكومة المحلية الواجب عليها تفقد أحوال الناس وتعهد أفكارهم، وتبيين مقاصدهم، حرصاً على تحصيل ثمرة المدنية الموضوعة لأجلها مسألة الجرائد والصحف، وصيانة لحقوق الدولة والملة التي يراد أن ينسب إليها ذلك من أن يكون ذريعة لتهافت بعض.. الذين لا يعرفون قدر النعمة، ولا يفرقون بين الصلاح والفساد. مثل هذا الأصم الذي يريد أن يتوصل بواسطته إعطاء هذا الامتياز له بعض أرباب الغايات..
إلا أننا أشد ما نعجب في هذه المسألة من جهة الباب العالي على تقدير أنه هو المعطي لهذه الرخصة كيف أمكن له أن يروج تلك الغاية لهذا الأصم الأبكم الذي ربما كان سيده غير صالح لأن يكون أهلاً لمثل ذلك الاختصاص، لما يعلمه الخاص والعام من عدم اقتداره على حسن النطق، فضلاً عن غيره مما يتعلق بأمر التحرير والكتابة، وإن كان لا ينكر كون التفات (عطف) الحكومة السنية قد جعله الآن من أرباب الرتب وأهل الحيثيات على محض المظنة بأنه هو من عائلة الإمارة النجدية لا غير..».
وورد في العدد 11 من صحيفة «الحقائق» الصادرة في يوم الأربعاء 5 شوال 1303هـ تحت عنوان «معلومات خاصة» ما يلي:
«بلغنا أن سعادة عبد الله باشا النجدي يريد أن يجعل تحرير الجريدة التي أعطي امتيازها لتابعه، محولاً إلى عهدة جماعة من المصريين الذين بعضهم الآن هنا، وبعضهم في بيروت، وبعضهم في أوروبا، وهم: الشيخ محمد عبده، وإبراهيم بك المويلحي، وأحمد أفندي سمير، والشيخ رسول البخاري، إلا أن الشيخ رسول على ما يقال سيكون فيها معهم بصفة مصحح، وضم إليهم رجلاً آخر، نحن نستبعد موافقته على الدخول في هذه المسألة، كما نستبعد إمكان اجتماع هؤلاء الجماعة المذكورين لتحرير جريدة، يكون صاحب امتيازها ذلك التابع الذي سبقت الإشارة إلى ذكره، فضلاً عن كون ذلك ربما كان من المعتذر الحصول على جميعهم، لأمور كثيرة، نضرب صفحاً عن ذكر تفصيلاتها الآن، ونعد ببسطها عند اللزوم».
ولعل صحيفة الحقائق وصاحبها ورئيس تحريرها من العرب القاطنين في اسطنبول، ممن أشار إليهم عبد الله المغيرة بأن أصحاب بعض الأغراض قد تربصوا له، ووقفوا أمامه في إصدار صحيفته. ومعلوم أنها لو صدرت في اسطنبول، لكانت منافسة لصحيفة الحقائق، ما أدى برئيس تحريرها أبي النصر يحيى السلاوي إلى التصدي لصحيفة المنبه التي كان يعتزم إصدارها عبد الله المغيرة، قبل صدور أي عدد منها، مما يدل بوضوح على صحة ما ذكره المغيرة في الوثائق العثمانية من وقوف أصحاب المصالح في وجه صحيفته.
وقد نشرت صحيفة الحقائق أيضاً معلومات مقتضبة عن الدرعية في عددها العاشر تكملة لما نشرته في العدد التاسع جاء فيه. «ومدينة الدرعية هي مدينة متوسطة، ظريفة الموقع والمنظر، يقسمها نصفين وادي حنيفة المعروف، وبها كثير من النخيل والبساتين التي تؤتي ثمارها بغاية الجودة. وأكثر ما يعتني بها أهلها تربية الخيول والجياد، ومن المواشي الأغنام، وأغلب ما فيها من ذلك، الغنم السود وسائر المواشي.
وتحادها من جهة الجنوب إلى جهة الغرب أرض نجد منفصلة عن أرض اليمن وعمان بصحراء الأحقاف التي ذكرها الله تعالى، ومهلك أهلها في كتابه العزيز. أما مدن نجد فلها تجارة عظيمة متبادلة بين بعضها بعضاً ومع ما جاورها من بلاد الحجاز واليمن وهجر. وكانت تلك المدينة (أي الدرعية) عامرة مشهورة بالتجارة وطيب المناخ. وكان سكانها ينوفون عن مائة ألف، حتى ضاقت بأهلها، وغلت فيها أسعار المنازل والحوانيت إلى درجة كلية، بلغت فيها أجرة الحانوت على ما يقال إلى ريال ونصف اليوم.
وهو أكبر دليل على ما كان فيها من زيادة العمران ورواج التجارة. وكانت المنازل فيها بهيجة المنظر. والقصور والمنازل على حافتي الوادي المذكور، ممتدة من الجانبين على صورة منتظمة، بعضها مرتفع عن بعض بدرجة مناسبة، والحوانيت من وراء البيوت كالسور.
ثم اندرست بعد هذا العمران العظيم، وأصبحت اليوم خاوية خالية، ولا يوجد فيها من السكان إلا القليل من الناس، وذلك من أن انتقلت منها إمارة نجد، وتحول عنها الأمراء إلى مدينة الرياض، وجعلوها مقر إمارتهم إلى الآن، وسنذكر إن شاء الله تعالى بيان أسباب انتقالهم إليها، وخراب الدرعية بكيفية مختصرة»

الله يرحمه ويرحم جميع مسلم ومسلمه
منقووول
صقر بن عدوان غير متواجد حالياً