عرض مشاركة واحدة
قديم 22-08-2010, 06:55 AM   #3
عضو لامـــــي مميز
 

الصورة الرمزية سقم المعادي
 

تاريخ التسجيل: Oct 2008
المشاركات: 84
آخـر مواضيعي
 

افتراضي

الحلقة الثالثة

ثانياً : حلف الدواسر في أي قرن ؟
ذكر في (ص: 97- 98) أن حلف الدواسر كان قبل القرن التاسع الهجري وأن مؤلف كتاب تاريخ الافلاج جانبه الصواب. كما يقول أيضا: (إن معظم الباحثين يرى أن هذا التحالف حصل في القرن السادس الهجري). وهو في هذه المسألة – كما ذكر - معتمد على رأي (فلبي) الذي يقول بأن حلف الدواسر وقع في القرن السادس الهجري.

ثم يقول في ص: (99): وأول ذكر لقبيلة الدواسر في كتب المتقدمين ما ذكره ابن المجاور المتوفى سنة 680، (أي في آخر القرن السابع)، وذكرهم ابن فضل الله العمري المتوفى سنة 749هـ، (أي في منتصف القرن الثامن).

ثم يقول في (ص:110) ما نصه: (إن أول إشارة للدواسر في وسط نجد ما ذكره الشيخ عبدالله البسام في تحفة المشتاق.. حيث يقول (البسام) في حوادث سنة 998هـ وذلك أن الدواسر تناوخوا هم وآل مغيرة على الخرج ...). انتهى كلامه. وسيتبين لك عدم صدق هذا التاريخ بعد قليل.

وأقول:
أولا: إن المؤلف لم يعلم أنه باختياره رأي فلبي - الذي لم يكن مبنياً على تحقيق علمي – قد انتقص من قدر قبيلة الدواسر العريقة بغير حق، وهي قبيلة ذات مجد وشرف وتاريخ عريق ولها صولات وجولات.

وانتقاصه لها جاء بسبب أنه اختار لها أن تتحالف حلفاً ضخماً، ولكنه بقي دون أثر يذكر في التاريخ قرابة ثلاثة قرون !!، بدليل أن مؤرخي القرنين السابع والثامن الهجريين – كما ذكر هو عن ابن المجاور، وابن فضل الله العمري (ص:99) - ذكروا قبيلة الدواسر ولم يشيروا لهذا الحلف. وأنه نصّ في (ص:110) على أن أول إشارة للدواسر كانت 998هـ.

ثانياً : إذا كان مؤرخو القرنين السابع والثامن الهجريين، مثل ابن المجاور، وابن فضل الله العمري، لم يذكروا حلف الدواسر، فكيف عرف فلبي أن زمن حلف الدواسر كان في القرن السادس (يعني ما بين 501 – إلى 599هـ)، وعلى أي أساس رجح المؤلف كلامه ؟؟!!. ومَنْ هم معظم الباحثين الذين أشار إليهم ؟؟!!. كلمة (معظم الباحثين) هنا أقل ما يقال عنها إنها كلمة غير مسؤولة، ولا علاقة لها بالدقة ولا المنهجية العلمية.

ثالثاً: الحق أن الأحلاف القبلية لا تقام إلا لحاجة تتلوها، وأن تحالفاً بهذه القوة الهائلة والحجم – كحلف الدواسر – لا يمكن أن يحدث في القرن السادس ويبقى ثلاثة قرون لم يؤثر في المنطقة، ولا يكون له كلمته في أحداثها... ودليل حصول التحالف في القرن التاسع الهجري ما وقع بعده من مواجهات بين الدواسر من جهة، وبين قحطان وسبيع والسهول وعنزة، وقبائل بني لام وغيرهم من جهة أخرى مجتمعين ومتفرقين، كما هو موجود في كثير من صفحات كتاب تحفة المشتاق للشيخ البسام (وسيأتي بعد قليل).

رابعاً : الجهل بتاريخ الدواسر
المؤلف جاهل بشكل كبير بتاريخ الدواسر، وأحداث القبيلة ووقائعها، ومواجهاتها مع القبائل الأخرى. فكيف يؤخذ برأيه في تحديد زمن حلف الدواسر، وكيف يكون له مصداقية في التأليف عنها أصلا.

• ذكر المؤلف ما نصه (ص:110) (إن أول إشارة للدواسر في وسط نجد ما ذكره الشيخ عبدالله البسام في تحفة المشتاق.. حيث يقول (البسام) في حوادث سنة 998هـ وذلك أن الدواسر تناوخوا هم وآل مغيرة على الخرج ...).

• وذكر في (ص: 98) قوله: (أما أول مواجهة حربية بين بعض فخوذ الدواسر وبين بني لام ومن حالفهم من قبائل أخرى فقد وقعت في القرن العاشر عام 998هـ حيث ذكر الشيخ عبدالله البسام في كتابه (تحفة المشتاق في أخبار نجد والحجاز والعراق..).

وأقول:
هذا كلام شخص لم يطلع على كتاب البسام نهائياً، ولا يعرف وقائع الدواسر المذكورة في كتاب البسام نفسه، فضلا عن تاريخها العريق في الكتب الأخرى.

وإليك بعض وقائع الدواسر مأخوذة من كتاب البسام (تحفة المشتاق)، الكتاب نفسه الذي اعتمد عليه:
• مواجهات في الخرج بين الدواسر وزامل بن جبر العقيلي حاكم الأحساء سنة 851هـ، ومرة أخرى سنة 852هـ.
• مناخ بين الدواسر والفضول على تبراك سنة 863هـ.
• مناخ بين الدواسر وآل مغيرة في الخرج سنة 877هـ.
• مناخ بين الدواسر من جهة والفضول وآل مغيرة من جهة أخرى في الخرج سنة 880هـ.
• موقعة بين الدواسر وقحطان سنة 881هـ.• مواجهات في الخرج بين الدواسر وأجود بن زامل العقيلي حاكم الأحساء سنة 890هـ، ومرة ثانية سنة 893هـ، وثالثة (في الرويضة) سنة 900هـ، ورابعة سنة 916هـ.
• موقعة بين الدواسر والسهول في الرويضة سنة 902هـ.
• مناخ بين الدواسر وعنزة في الحرملية سنة 921هـ.
• مواجهة بين الدواسر من جهة وبين الفضول وآل مغيرة من جهة أخرى في أباالجفان سنة 940هـ.
• مناخ بين الدواسر والفضول في مبايض سنة 951هـ.
• مناخ العرمة بين الدواسر من جهة وآل مغيرة وآل كثير من جهة أخرى سنة 967هـ.
• مواجهة بين الدواسر والفضول سنة 976هـ.
• مناخ الحرملية بين الدواسر من جهة وآل مغيرة وآل كثير من جهة أخرى سنة 980هـ.
انظر : كتاب (تحفة المشتاق) في حوادث السنوات السابقة.

جميع الأحداث السابقة هي وقائع مشهورة كان الدواسر طرفاً رئيسياً فيها، وهي كلها قبل التاريخ الذي حدده، وهو: (سنة 998هـ) !!

والغريب في النصوص السابقة لهذا المؤلف الجاهل بتاريخ قبيلته العريقة أنه يجمع الجهل مع الجزم فيقول: (في ص:110) جازماً وبثقة إن أول إشارة للدواسر في وسط نجد ...)،

ويقول في (ص:98) بكل جهل وثقة : (أما أول مواجهة حربية بين بعض فخوذ الدواسر وبين بني لام ..) ثم يذكر كتاب البسام (تحفة المشتاق) وأن تلك المواجهة كانت سنة 998هـ.
إن أحداث الدواسر كثيرة ومتتابعة من بعد عام 850هـ، وكتاب (تحفة المشتاق) مليء بأخبار الدواسر وأحداثهم مع غيرهم.

فما هذا الجهل بتاريخ قبيلة الدواسر العريقة ؟! إن الأمر لا يحتاج من المؤلف إلى أي جهد نهائياً سوى تصفح ساعة واحدة في كتاب تحفة المشتاق للبسام، ولو كلف نفسه الرجوع للوراء صفحات قليلة في الكتاب نفسه لوجد الأحداث الكبار.

الآن بدأ يساورني الشك ليس في إخلاصه للعلم والبحث والتقصي فحسب، بل في إخلاصه لتاريخ الدواسر الكبير، وأنه ما كتب أو لفّق كتابه هذا إلا لأهداف خاصة به يعلمها هو جيداً، ولا يهمه بعد ذلك، لا الدواسر ولا تاريخهم.

وإلا كيف يتعامى عن أحداث الدواسر، ويجعل حلفهم لا قيمة له مدة ثلاثة قرون، ويرى وقائعهم ومواقفهم المشرفة مع القبائل الأخرى في نفس الكتاب الذي يرجع إليه ثم يلغيها من الذكر جازماً ومتعمداً، وما علم أن الشمس لا تغطى بغربال وأن تاريخ الدواسر غني عنه، وعن تلفيقاته المشبوهة.

افترى على الشيخ البسام، فليس ما حصل عام 998هـ هو أول إشارة ذكرها البسام عن الدواسر، ولا أول مواجهة بين الدواسر وقبائل بني لام ذكرها البسام .. لأن الشيخ البسام - رحمه الله - ذكر الكثير عن الدواسر وتاريخهم ووقائعهم مع القبائل الأخرى كما ذكرت قبل قليل خلال النصف الثاني من القرن التاسع الهجري 850هـ وما بعده.


إذن:
أحداث الدواسر ووقائعهم متتابعة في القرنين التاسع والعاشر: إن ما ورد في كتاب تحفة المشتاق من وقائع - ذكرت بعضها قبل قليل - حدثت بين الدواسر وحكام الأحساء، والسهول وعنزة، والفضول وآل مغيرة وآل كثير، وقحطان وغيرهم.. كل ذلك يدل على أن الدواسر كانوا طرفاً مهماً ورئيسياً في أحداث كثيرة بداية من النصف الثاني من القرن التاسع الهجري. ووقوع تلك الحوادث هو ما يؤكد صحة كلام صاحب تاريخ الأفلاج من أن حلف الدواسر وقع في القرن التاسع الهجري وأصبح حلفا له شأن عظيم في نجد مباشرةً.

خامساً : من المهم التفريق بين الدواسر كقبيلة وبين حلف الدواسر. الدواسر كقبيلة موجودة قبل القرن التاسع بالتأكيد بأصولها الأزدية والتغلبية، ولها ذكر كثير في كتاب تحفة المشتاق وغيره من كتب تاريخ نجد القديمة، لكن صاحب كتاب تاريخ الأفلاج يرى أن حلف الدواسر القحطانيين مع العدنانيين كان في القرن التاسع، ولم يكن قبل ذلك.

ومن خلال استعراض سريع لكتاب تحفة المشتاق – كالنماذج التي ذكرت قبل قليل - سيعرف المتصفح أن كلام صاحب تاريخ الأفلاج كان دقيقاً فيما يتعلق بزمن حلف الدواسر، وأنه وقع في القرن التاسع الهجري، وأنه ما أقيم إلا لمواجهة بني لام (انظر تاريخ الأفلاج، ص:139)؛ نظراً لكثرة المواجهات بين الدواسر وقبائل بني لام - متفرقة أو مجتمعة - بعد الحلف. (انظر: تحفة المشتاق، أحداث الأعوام (850هـ1100هـ)
سقم المعادي غير متواجد حالياً