هذه أول مشاركاتي وافتتحها بمقال في جريدة الجزيرة عدد اليوم 30 /3/1431
عن فقيدنا المحبوب ابامحمد الدويغري رحمه الله ومقال فيه من عذوبة الكلمة وصفائها
أترككم مع المقال
تحيتي
فقيد البدائع أبا محمد الدويغري.. وداعاً
يموت قوم ولا يأسى لهم أحد
وواحد موته حزن لأقوام
في يوم الثلاثاء 16-3-1431هـ ودّعت محافظة البدائع ابنها البار الأستاذ الفاضل علي بن محمد الدويغري في مشهد مهيب قلَّ مثيله بحضور المصلين والمعزّين الذين اكتظت بهم جنبات جامع الملك عبد العزيز بالبدائع.
أكتب هذه العبارات وكلِّي ألم وحزن لا يعلمه إلاّ الله على شخص له محبّوه الكثر.
رحمك الله أبا محمد، فاضت روحك لبارئها ووسّد جسدك الثرى، فانتشر عبق ذكرك الطيب، وعملك الصالح، وارتفعت لك دعوات زاكيات عاطرات بالرحمة..!
لقد طافنا طائف من الحزن وأظلتنا غمامة من الأسى، فالفراق يُصدّع الكبد، ويقدّ نياط القلب، وإن كان يحدوه أمل باللقاء، فكيف بالموت الذي لا لقاء بعده، وقد فضح الدنيا فلم يدع لأحد بها فرحاً..!
ومهما سخرت الكلمات وانقادت الحروف طائعة أو مكرهة في وصف ألم الموت وفراق الأحبة، فلن تستل إلاّ قليلاً من محتقن الوجع والألم .. ولكن العزاء هو ما أعدّه الله للصابرين ?الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ?..
كان لخبر وفاته - رحمه الله - وقعٌ على جناني وبناني، فاضت له العين، وارتجفت أصابعي عند كتابة ما تقرأون، والله حسبي ومجيرني في مصيبتي.
لقد عرفته عن قرب فقد كان كريم المعشر، وصادق الخطاب، وباذل للخير. كان كريم الصّفح، جميل الحلم، واسع الأناة. وهذا يعلمه كل من عرف أبا محمد. لقد كان الأستاذ علي الدويغري هامة شامخة بلا غرور وبلا كبرياء، وبلا عنجهية، طلعة بهية يكلّلها التواضع وحسن الخلق والحلم والاحتساب والاستقامة النادرة. كما يعرف عنه انضباطه بالعمل والتفاني والإخلاص فيما أوكل إليه، له مشاركات في أحوال المجتمع العامة، وله حضور متميز في المناسبات العامة.
كلما أراه أرى بين وجنات وجهه مهابة عظيمة تعلوها ابتسامة بريئة، لم تكدرها يوماً زمجرة حمق، أو تلطخها فظاظة خُلُق لا يزدري وضيعاً، ولا يبخس حقاً، أو ينتقص جاهلاً.
لم يكن (الشيخ علي) نكرة كي أعرّفه .. عرّفنا بنفسه من خلال حياة حافلة بالعطاء .. صنع جيلاً من الرجال في زمن عزّ فيه الرجال .. ربّى فأحسن التربية .. وأعطى فأحسن العطاء .. وأوفى فأحسن الوفاء.
العبارات دونما عرفته به تقصر، ولكن الله يعلم ما لا نعلم، ورحمة الله أوسع بخلقه، وهو أكرم الأكرمين، ولم أر أحداً شهد عليه بسوء، بل كل من ذكره أحسن الثناء، وألحّ في الدعاء، وتلك شهادة الخلق في الأرض.
ولولا خشيتي الإطالة في الكلام بما أعلم عنه؛ لسطّرت مقالة تليق بمكانه، ليقتدي به عاشق الرفعة، فأما وقد أفضى إلى الرحمن الرحيم، فهذه شهادة حق أبديها، وخطاب فخر أعتز به، وأرجو من الله أن يبلغه الفردوس الأعلى من الجنان، وأن ييسر عليه الحساب، ويقيه العذاب.
وعزائي لوالديه الكريمين وإخوانه وأخواته المباركين وأبنائه الملازم أول طيار محمد وعبد العزيز وعبد الله وأخواته ووالدتهم، وعزائي الحار لابنه وصديقي صفوان القريب من قلبي الذي أخذ من والده الكثير من صفاته وأخلاقه ومحبة الناس له، فهنيئاً له بهذه الصفات.
عبارات أكتبها بيدي حباً له وجبراً لخاطري وعزاء لي وللجميع .. أسأل الله أن يرحم والدنا أبا محمد، وأن يتجاوز عن سيئاته، ويضاعف حسناته، وأن يجبر أهله في مصيبتهم ويخلفهم خيراً منها، وأن يحسن عزاءهم، وأن يرفع درجته في المهديين، ويخلفه في عقبه في الغابرين، ويسكنه جنات النعيم.
ساير الهاملي
طالب دراسات عليا - القصيم - البكيرية