سُئلت عن عدم ادراجي كتاب المنتخب للمغيري ( 1868م : 1944م ) في هذه السلسلة , والحقيقة أنني قرأت هذا الكتاب مرات عديدة مركزا فيه على ما يتعلق بقبائل بني لام وفروعها وأفخاذها وأسرها , وخاصة الجزء الخاص بـ (ال كثير) , ووجدت أن ما فيه من معلومات تخص (أل كثير) بالذات ليست صحيحة ولا مقنعة ولا مدعمة بأدلة , ولا تروي غليل القاريء او الباحث في نسب او تاريخ ال كثير, بل تغرقه في معمعة من الأسماء غير المترابطة التي لايجمعها رابط ,
لقد نسب المؤلف أفخاذا وبطونا لـ آل كثير او لـ بني لام وهم ليسوا منهم , إنه كتاب مليئ بالاخطاء , ولعل محققه أدرك ذلك مما جعله ينوّه لذلك في مقدمته حتى بدا كأنه يعتذر مقدما عما وقع به المؤلف من أخطاء عندما قال في صفحة 5 :
ولابد من التنويه بان محاولة كهذه قد تقود الى الاخطاء وذلك يعود اولا الى سبب النقل من بعض المصادر العربية التي كانت وما زالت غير محققة , او بواسطة اخطاء الناسخ , وثانيا الى ان المؤلف حاول التفتيش عن العلاقات بين القبائل المعاصرة وأصولها , وفي بعض الاحيان كان التشابه بين الاسماء يقود الى الاخطاء .
وكذلك قوله في نفس الصفحة :
ويلاحظ في بعض المناسبات في هذا الكتاب ان المؤلف رحمه الله قدم أدلة متعارضة في نسبة القبائل دون الوصول الى نتيجة محددة .
ومما يؤخذ على الكتاب أيضا ما ذكره المحقق في صفحة 26 من أن المؤلف نسب كتاب ( قلائد الجمان ) للسيوطي مع أن هذا الكتاب للقلقشندي وعلل المحقق وقوع المغيري في هذا اللبس بسبب تشابه اسماء عناوين االكتب والمحتويات . فكيف يقع عالم في النسب بمثل هذا الخطأ !!
وكذلك إشارة المحقق في صفحة 36 وما بعدها الى وجود حقائق غير دقيقة في بعض ما نقله المؤلف .
ويتضح لنا مما سبق أن المغيري رحمه الله ليس بعالم أنساب بل هو مجتهد أصاب وأخطأ , لذلك لا يصح التسليم بكل ما جاء به في الكتاب ونقله , ومما يؤيد قولي من أنه مجرد مجتهد , ما ذكره هو نفسه في الكتاب في صفحة 73 حيث قال :
سألني بعض الاصحاب أن أجمع نبذة في النسب تحتوي على أصول العرب , ولم أكن من أهل هذا الميدان , ولكن حملني على ذلك عدم رغبة الناس في هذا الفن .
فهو يعترف أنه ليس من أهل الميدان أي ليس بنسابة , ولكنه وجد الساحة خالية فتصدى لهذا الأمر , وهو ما يظن البعض أنه أمر يستحق الشكر عليه كما قال عبدالرحمن الحاقان في مقال له بعنوان ( في الميزان كتاب المنتخب ) : أما المؤلف – رحمه الله – فقد بذل مجهوداً يشكر عليه .
ولعله من المفيد التذكير ببعض الانتقادات التي وجهت للمغيري من قبل بعض المؤلفين وقد سبق ذكرها في هذا المنتدى في أحد المواضيع :
1- انتقاد العلامة حمد الجاسر – رحمه الله – لمن نقل عن المغيري قائلاً : "وصاحب كتاب المنتخب – رحمه الله – لا يصح التعويل على ما انفرد به، ففي كتابه أوهام كثيرة".
2- تأليف عبدالرحمن التويجري كتاب ( تيسير العلام ببيان ما في منتخب المغيري من أوهام) للرد على ما وصفه بأوهام المغيري وقوله : ومن هذه الأوهام التي وقع فيها المغيري نسب كثيرا من القبائل العدنانية إلى القبائل القحطانية لمجرد تشابه الأسماء. وقال كذلك ليس الكتاب على مسماه فانه لم يذكر جميع قبائل العرب وقد رأيت فيه اضطرابا كثيرا.
3- ما قاله عبدالله البسام عندما ذكر المغيري في كتابه فيما نصه: والمترجم لم يدرس على العلماء دراسة منتظمة، وإنما هو قارئ مغرم بالقراءة ، وأكثر قراءته في كتب الأدب والتاريخ والأنساب، فصار له إطلاع في هذا الباب، فصنف في الأنساب كتابه ((المنتخب)) وهو طيب في بابه إلا أن فيه أوهاما وأغلاطا كثيرة.
4- تعليق أبو عبدالرحمن ابن عقيل في تقديم كتاب بنو بكر بن وائل، عند ذكر كتاب أنساب العرب لسمير قطب أحد الكتب المتعلقة في الأنساب فقال أنه سطو على كتاب المنتخب لذلك نجد في هذا الكتاب الكثير من الأخطاء بسبب اعتماده على المغيري ونفس أوهام المغيري بسبب النقل منه.
5- ما كتبه عبدالرحمن بن سليمان الشايع في مقال له في (مجلة العرب) ما نصه: أما المغيري فأن نقله غزية إلى بني لام ليس بعجيب إذا علم أنه رحمه الله وعفا عنه قد سلخ القبائل المضرية سلخا فادعى إما إلى لام أو عموم طي أو إلى قحطان عموما عدد منها واقتطع كثيرا من البطون ليكثر بها بني لام.
6- قال عبدالله الخثلان السبيعي في كتابه : والمغيري رجل عامي ومنهجه معروف وهو الاعتماد على تشابه الأسماء فكثر خلطه و أوهامه في أنساب القبائل وفي فروعها وفي أسرها.
7- د. إبراهيم محمد الزيد وهو من قام بتحقيق كتاب المنتخب، ونبه إلى بعض أخطاء المغيري.
الخلاصة :
كتاب المنتخب للمغيري رحمه الله لا يعول عليه ويعتبر من الكتب السيئة في هذا الفن لاسباب عديدة منها انه رجل عامي ويعتمد في منهجه على تشابه الاسماء كثير الخلط والاوهام في انساب القبائل , يعتبره البعض متعصبا للقحطانية ـ وأخالفهم في ذلك ـ وهم يعتبرونه متعصبا لأنه أرجع نسب اغلب القبائل المعاصرة إلى قبائل قحطانية قديمة لمجرد التشابه في الاسماء بهدف تكثير بني لام , ومن القبائل العدنانية التي نسبها إلى القحطانية سبيع , عتيبة , بني خالد , وبعض فروع بني تميم .... وغيرها , واعتماده على القلقشندي والحمداني والعمري وهؤلاء ليسوا نسابة بل ينقلون بلا تحقيق .
يتبع باذن الله .