سيرة للشيخ الفارس الشهم محمد بن عبدالله البشر المغيري

طبعا هذه الكلمات المكتوبه قديمه ولاكن احببت نشرها للفائده


نجم من الأفلاج رحل


يقول الحق سبحانه: (أولم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها) الرعد 41, قال بعض المفسرين: (نقصانها بموت العلماء والأوليا).
لقد رزقت أمتنا الاسلامية في العامين الأخيرين بموت كوكبة من العلماء والدعاة المخلصين، ولله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى ونسأل الله أن يخلف على المسلمين خيراً, وكان من آخر اولئك النجوم فقيد محافظة الأفلاج الداعية المعروف محمد بن عبدالله البشر.
ووفاء بالقليل من حقه أحببت أن أكتب شيئاً عن حياته المليئة بالفضل والخير والإحسان.
نسبه: هو محمد بن عبدالله بن مسفر ال بشر ولد في بلده الروضة بمحافظة الأفلاج في حدود سنة 1326ه وجاهد مع الملك عبدالعزيز آل سعود، في حروبه وشارك في حصار الطائف وينبع وفتح مكة.
قال عن نفسه: وكنت حين فتح مكة قد ناهزت الحلم.
طلبه للعلم: حفظ القرآن الكريم، وكان آية في حفظه وإتقانه حتى لا يكاد يفوت عليه شيء منه حضر مجالس متفرقة لأهل العلم في زمانه كالشيخ ابن عتيق والشيخ محمد بن ابراهيم رحمهما الله وغيرهما كما حفظ جزءاً كبيرا من الاحاديث ونونيني ابن القيم والقحطاني.
امامته للصلاة: أم المصلين في مسجد آل بشر بالروضة دهراً طويلاً، كان يقوم بالأذان والإقامة احتساباً لوجه الله، ويعظ المصلين ويعلمهم أمور دينهم عملياً فإذا جاء رمضان توجه الى بلدة البديع جنوب مدينة ليلى ليؤم أهلها في صلاة التراويح احتساباً ويختم بهم القرآن مرتين، مرة في العشرين الأول واخرى في العشر الأواخر.
وكان ندي الصوت بالقرآن مع ملازمة الخشوع والتدبر يتوقف عند آيات التخويف والوعيد والوعد والترغيب، واستمر على ذلك امداً طويلاً يخطب ارتجالاً متبعا هدي الرسول صلى الله عليه وسلم.
وفي عام 1374ه تولى إدارة مدرسة الروضة وتخرجت على يديه أجيال لا يحصون عدداً في القضاء والتدريس والفتيا صبغوا ببركة توجيهه وتربيته بصبغة التقوى والصلاح.
ومن النوادر أنه كان يعلن دخول الدرس وخروجه بشهادة التوحيد لا إله إلا الله .
وفي هذه الأثناء كان يقوم بأعمال كثيرة كالاصلاح بين الناس وعقد النكاح والدعوة الى الله.
لا يكاد يحضر مجلساً الا تولى زمام الوعظ والتذكير، وكان حديثه حديث القلب للقلب وكان صاحب تجوال في مدن المملكة وقراها للتوجيه والارشاد وغرس الله له القبول والحب في قلوب الخاصة والعامة، الصغير والكبير والذكر والأنثى وكان يزور أهل العلم والفضل والمرضى للسلام عليهم.
أخبرني عن نفسه بعد إلحاحي عليه أنه ما أذن مؤذن الفجر منذ أكثر من نصف قرن الا وهو مستيقظ يصلي، إلا مرة واحدة غلبه النعاس فلم ينتبه الا قبيل الإقامة فجاء مسرعاً الى المسجد.
ومن ذلك أنه لم يكن يخرج من المسجد ما بين العشاءين البتة وكان الزائرون يعرفون ذلك عنه فلا يأتونه في هذا الوقت الا للسلام وهو في مسجده, وكان يكره الجلوس والتحدث بعد العشاء الا مع أهله، اتباعاً لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد اخبرني عن نفسه بأنه يختم القرآن كل ثلاثة أيام وكان ذلك عن ظهر قلب لأنه قد كف بصره في آخر عمره فإن مرض أو سافر ختم كل سبعة ايام.
أما زهده فحدث ولا حرج، فقد كان معرضاً عن الدنيا، زاهداً مزهداً فيها بل لقد سمعته يقول انه لم يدخل المحاكم في خصومة أبداً، ويقول من أراد مني شيئا فليأت أعطه من مالي ما شاء ولا يرفعني للقضاء هذا مع تقدير القضاة له وقبولهم لشفاعته.
هذا غيض من فيض من تلك السيرة العطرة والحياة الجميلة اردت بها ان تكون نبراساً للدعاة وطلبة العلم, وصدق الله (لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب) وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله.