صِيَغ وأشكال مسَمّيات القبائل العربية
صِيَغ وأشكال مسَمّيات القبائل العربية :ـ
إن القارئ المتتبع لتاريخ القبائل العربية وما يهتم بتدوين أنسابها في شتى العصور ; لا يكاد يغفو عن بعض الفروق الواضحة في أسمائها وتغيّر صيَغ ألفاظها عصراً بعد عصر .
ولقد اعتاد المؤرخ والباحث والقارئ على تأريخ ونقل وقراءة أسماء القبائل بصيغ ألفاظها المعهودة والمشهورة لديهم ، ومهما كثرت المؤلفات وبعدت أزمان تلك القبائل إلا أنها تظل محتفظة بصيغة لفظها المعروفة ..
ولأن لكل عصرٍ قبائله التي ظهرت واشتهرت به ، فإن لكل عصرٍ أشكالٌ لمسميات قبائله التي تختلف عن أشكال مسميات ما قبلها من القبائل أو تشابهها مع احتفاظ القبائل السالفه بأشكال أسمائها التي كانت عليها ..
ومن أشكال مسميات القبائل القديمة :
1ـ الإسم المجرد من أحرف النسب كقريش وهذيل وطيء .
2ـ الإسم المسبوق بلفظة البنوّه كبني هاشم .
3ـ الإسم المشهور بصيغة الجمع كالمناذرة والغساسنة والتبابعة والجضاعمة ، مع العلم أن جميع هذه القبائل السابقة الذكر كانت أسراً حاكمة في زمانها .
4ـ الإسم المسبوق بلفظة الأهلية كآل المهلب وآل المنذر في بعض الأحيان لوجود مسمى المناذرة وهو المشهور .
5ـ الإسم المتصل بأل التعريف وهو شكل نادر ومثاله قبيلة الأزد .
هذه أمثلة لأشكال مسميات القبائل القديمة والتي عاصرت العصر الجاهلي والقرون الهجرية الأولى ، ونذكر فيما يلي أمثلةً لأشكال مسميات القبائل القديمة التي اشتهرت مابين القرن السابع الهجري إلى القرن الرابع عشر :
فمن أمثلة القبائل التي ينطبق عليها الشكل الأول في تلك القرون (ق7ـ ق14) قحطان و عنزة وسبيع ، فإنه ومن غير المعهود أن يسبق أحد هذه الأمثلة أحد أحرف النسب كـ (بني) أو (آل) .. إلخ ، لكنها اشتهرت بأسمائها المجردة من أحرف النسب .
ومن أمثلة الشكل الثاني في تلك القرون ، بني خالد وبني زيد وبني لام .. فمن غير المعهود أن يقال آل خالد أو خالد على سبيل المثال .
ومن أمثلة الشكل الثالث في تلك القرون ، الأشراف والبقوم والعجمان .. فمن غير المعهود أيضاً أن يقال باقم عن البقوم أو عجيم عن العجمان أو ما يخالف الإسم المشهور .
ومن أمثلة الشكل الرابع في تلك القرون ، آل مغيرة وآل عائذ وآل كثير .. فلا يقال مثلاً بني مغيرة عن آل مغيرة أو ما يخالف اسمها المعهود .. ولكني أكاد أجزم أن هذه القبائل مع أنها عرفت بهذه الصيغة في التواريخ النجدية إلا أن بنيها وغيرهم ممن عاش في تلك القرون قد لا ينطقونها بنفس الصيغة أي بفصل آل النسب عن الإسم ، لكنهم حتماً سيلجأون إلى أبسط لفظة لها ، كأن تلفظ الكثير هكذا بدلاً عن آل كثير وهذا مطابق لبعض ما دون في المؤلفات النجدية ، والعرب بطبعهم دائماً ما يلجأون إلى اختصار الجمل وتسهيل الألفاظ .
ومن أمثلة الشكل الخامس ، الظفير مع أنها تكتب آل ظفير نادراً لكنها اشتهرت بالظفير هكذا .. ومن غير المعهود أن يقال بني ظفير أو ظفير أو ما يخالف الإسم المشهور لها .
ولعل هناك من يخالفني الرأي بأن القبائل التي سبق ذكرها قد تنطق أسماؤها أحياناً بغير صورتها المشهورة ، كأن يستشهد الرأي الآخر بأحد أبيات الشعر العربي ، لكن هناك أمراً يجدر بي إيضاحه وهو أن كل مسمى لقبيلة يأتي ذكره بالشعر العربي قد لا يكون بالضرورة في الشكل المتعارف عليه والمشهور عند العرب ، ولعل التقيّد بوزن وتفعيلة وبحر القصيدة من أهم الضروريات التي تجبر الشاعر على تدوين مسمى القبيلة بخلاف ما اشتهرت به ومن الأمثلة الكثيرة في ذلك قول الشاعر النجدي جعيثن اليزيدي (ق10هـ):
ونجد رعى ربعي زاهي فلاتها = على الرغم من سادات لام وخالد
ففي هذا البيت كما هو واضح أتى ذكر بني لام وذكر بني خالد على غير الصورة المشهورة لمسمى هاتين القبيلتين ولكن ضروريات الشعر ومن أهمها الوزن والتقيد بالبحر جعلت الشاعر يذكرها بخلاف شكلها المعهود .
ومن أشكال مسميات القبائل في تلك القرون (ق7ـ ق14) :
الإسم المسبوق بلفظة (أولاد) كقولهم أولاد فلان أو الاد فلان أحياناً .. ويستخدم هذا الشكل في الغالب إعتزاءً بالقبيلة .
الإسم المسبوق بلفظة ( عيال ) كقولهم عيال فلان .. وهو من الأشكال النادرة .
الإسم المسبوق بلفظة ( ولد ) كولد سليمان في عنزة .
الإسم المسبوق بلفظة ( ضنا ) كضنا بشر وضنا مسلم في عنزة ، وقد يلاحظ القارئ الكريم أن الشكلين الأخيرين وهما ( ولد وضنا ) يشتهران وربما ينحصران في عنزة دون غيرها من القبائل .
الإسم المسبوق بلفظة ( ذوي ) كذوي عطية في عتيبة ، كما يستخدم لتعريف البيوت الصغيرة عند البادية كقولهم ذوي فلان بن فلان تعريفاً بأنهم أبناء ذلك الرجل من الناس .
الإسم المسبوق بلفظة ( بل ) كبللحمر وبللسمر وبلقرن ، وأغلب ما يكون هذا الشكل في قبائل جنوب الجزيرة العربية .
الإسم المسبوق بلفظة ( با ) كقولهم با فلان ، وينحصر هذا الشكل في بلاد حضرموت .
الإسم المسبوق بلفظة ( أبا ) كـ أبا الخيل و أبا حسين مثلاً ، وأغلب ما يوجد هذا الشكل في بلاد القصيم .
الإسم المسبوق بلفظة ( بو ) كقولهم بو فلان ، أو البو فلان أحياناً ، وأغلب ما يكون هذا الشكل في العراق .
كتبه : رشيد الكثيري
|