بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
أخي المسلم : أختي المسلمة :
حينما تظهر أمارات الخلاف وبوادر النشوز أو الشقاق فليس الطلاق أو التهديد به هو العلاج .
إن من اهم ما يطلب في المعالجه الصبر والتحمل ومعرفة الاختلاف في المدارك والعقول والتفاوت في الطباع مع ضرورة التسامح و التغاضي عن كثير من الأمور ,ولا تكون المصلحه والخير دائماً فيما يحب ويشتهي بل قد يكون الخير فيما لا يحب ويشتهي : قال تعالى (( وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيرا )) [1] ولكن حينما يبدو الخلل ويظهر في الأواصر تحلل , ويبدو من المرأه نشوز وتعالٍ على طبيعتها وتوجه إلى الخروج عن وظيفتها حيث تظهر مبادئ النفره , ويتكشف التقصير في حقوق الزوج والتنكر لفضائل البعل , فعلاج هذا في الإسلام صريح ليس فيه ذكر للطلاق لا بالتصريح ولا بالتلميح .
يقول الله سبحانه في محكم التنزيل (( والتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن اطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا )) [2] يكون العلاج بالوعظ والتوجيه وبيان الخطأ والتذكير بالحقوق , والتخويف من غضب الله ومقته , مع سلوك مسلك الكياسه والأناة ترغيبا و ترهيبا وقد يكون الهجر في المضجع والصدود مقابلا للتعالي و النشوز , ولاحظوا أنه هجر في المضجع البيت وليس أمام الأسره أو الأبناء أو الغرباء ,وليس التشهير أو الإذلال أو كشف الأسرار والأستار , ولكنه مقابلة للنشوز والتعالي يهجر وصدود يقود إلى التضامن والتساوي .
وقد تكون المعالجه بالقصد إلى شيء من القسوه والخشونه , فهناك أجناس من الناس لا تغني في تقويمهم العشرة الحسنه والمناصحه اللطيفه , إنهم أجناس قد يبطرهم التلطف والحلم فإذا لاحت القسوه سكن الجامح وهدأ المهتاج .
نعم قد يكون اللجوء إلى شيء من العنف دواءً ناجعاً ولماذا لا يلجأ إليه وقد حصل التنكر للوظيفه والخروج عن الطبيعه ؟
ومن المعلوم لدى كل عاقل أن القسوة إذا كانت تعيد للبيت نظامه وتماسكه , وترد للعائله ألفتها ومودتها فهو خير من الطلاق والفراق بلا مراء , إنه علاج إيجابي تأدبيي معنوي ليس للتشفي ولا للانتقام وإنما يستنزل به مانشر , ويقوم به ما اضرب . وإذا خافت الزوجه الجفوه والإعراض من زوجها فإن القرآن الكريم يرشد إلى العلاج بقوله : (( وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما ان يصلحا بينهما صلحا والصلح خير )) [3].
العلاج بالصلح والمصالحه وليس بالطلاق ولا بالفسخ , وقد يكون بالتنازل عن بعظ الحقوق الماليه أ, الشخصيه محافظة على عقد النكاح : " والصلح خير " الصلح خير من الشقاق والجفوة والنشوز والطلاق .
أخي المسلم : اختي المسلمة
هذا عرض سريع و تذكير موجز بجانب من جوانب الفقه في دين الله والسير على أحكامه , فأين منه المسلمون ؟.
أين تحكيم الحكمين في الشقاق بين الزوجين ؟ لماذا ينصرف المصلحون عن هذا العلاج , هل هو زهد في إصلاح ذات أو هو رغبة في تشتيت الأسره وتفريق الأولاد ؟ إنك لا ترى إلا سفهاً وجوراً ,وبعداً عن الخوف من الله ومراقبته , وهجراً لكثير من أحكامه وتلاعباً في حدوده .
أخرج ابن ماجه وابن حبان وغيرهما عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال :" مابال أحدكم يلعب بحدود الله و ويقول : قد طلقت قد تراجعت , أيلعب بحدود الله وأنا بين أظهركم"
الحواشـــــــــي
1) سورة النساء, الآيه :19.
2) سورة النساء, الآيه :34.
3) سورة النساء, الآيه :128.
4) رواه ابن ماجه (2017) , وابن حبان في صحيحه (4265).
منقول من كتاب (( رساله إلى العروسين ))