المرجع: كتاب من شيم العرب، اعداد فهد المارك ج4 (1408) وقد رواها عن حجاب بن حثلان السبيعي
سعود بن فريحان بن دباس الكثيري
من له صديق وفي لايخاف
اشتهر سعود بن فريحان بن دباس الكثيري بالمروءة والوفاء والنجدة وكان له من الشهرة كشهرة عنترة بالشجاعة وكشهرة حاتم بالكرم.
وعندما كان ابن عريعر صاحب السلطة في شرقي الجزيرة العربية في تلك الفترة اعتقل شخصا صديقا لسعود وأودعه السجن وشدد الحراسة عليه، ولكن السجين لم يعبأ بالسجن ولم يتأثر منه بل ولم يحاول ان يطلب العفو من ابن عريعر ليفرج عنه وكان يقول لمن ينصحه بطلب الاسترحام من ابن عريعر ليعفو عنه:
--- انا لست بحاجة لعفوه ولاخائف من عقابه
فيقول له الناصحون:
--- الا تخاف وانت في غياهب السجن وتحت رحمته؟!
فيرد على ناصحيه بقوله:
--- من له صديق وفي لا يخاف
وكان اصرار السجين على عدم طلب الرحمة من الامير ابن عريعر امرا جعل الامير يزداد حقدا عليه وعدم الرحمة به .. يضاف الى ذلك ان الوشاة نقلوا لابن عريعر الكلمة سالفة الذكر كما نقلوا له صلته الوطيدة بسعود الكثيري وعند ذلك شدد الحراسة على السجين ولكن هذا كله لم يمنع سعودا من بذل شتى الوسائل لاخراج رفيقه.
وبالرغم من ان اخراجه من السجن يستلزم مغامرة خطيرة قد تكون فيها نهاية حياته لان القضية فيها تحد لسلطة الامير، ولذلك كانت الخطة التي رسمها سعود لاختطاف رفيقه من السجن في منتهى المغامرة والحذر في آن واحد.
ولما كان الضيوف الوافدون على مضيف ابن عريعر كثيري العدد وبصورة متواصلة مستمرة وبخاصة في الليل فقد جاء سعود كضيف ليل وتناول الطعام من ضمن عشرات او مئات الضيوف وبات اول ليلة في مضافة الامير وظل يتحسس بهدوء مكان السجين حتى عرفه وتركه في بداية الامر .. وفي الليلة الثانية عرف الطريقة التي يبدل بها الحارس رفيقه كما عرف الزي الذي يرتديه الحارس .. وما ان جاءت الليلة الثالثة حتى جاء الى الحارس حاملا سلاحه ويسير بكل رزانة وهدوء نحو الحارس الذي كان ينتظر ان ياتيه البديل، وكانت الليالي الثلاث التي قضاها في ضيافة الامير كافية لان تجعله يعرف اسماء الحراس الذين يتناوبون الحراسة على رفيقه .. ولذلك لم تكن مفاجأة للحارس المناوب عندما جاء هذا يناديه باسمه وبالزي فسه الذي يرتديه زميله الحارس وفي ساعة قريبة جدا من الساعة التي ياتيه بها بديله ولذلك تنحى عن السجن وسلمه على مايعتقد لزميله .. وراح هذا واستلم رفيقه الذي كان واثقا بانه سوف يختطفه من سجنه لامحالة .. وعندما جاء الحارس ليغير رفيقه لم يجد حارسا ولا سجينا فراح الى مرجعه يصرخ قائلا:
--- ان السجين والحارس فرا سوية
فذهبوا يفتشون على الحارس الاول فوجدوه آمنا مطمئنا فسالوه عمن تسلم السجين منه فقال:
--- سلمته لزميلي الذي اسمه كذا وصفته كذا .. فجاءوا بزميله ليتاكدوا منه ومجرد ما رآه قال:
نعم هذا الذي تسلم مني السجين منذ فترة قصيرة .. فصاح به الحارس قائلا:
رحمهم الله جميعا
--- كذبت لم اتسلم منك ولم ارك. ورد عليه هذا:
--- تسلمت مني الآن
وعندما علا صوت الجنديين كل واحد منهما يريد ان يضع المسئلية على صاحبه، عند ذلك سيق الحارسان الى الامير ليقول كلمته النهائية فيهما .. وحينما وصلا وبدأ الاول يسرد الصورة التي جاءه فيها رفيقه وتسلم منه السجين نظر الامير اليه فوجده يتحدث حديث الرجل الصادق الواثق بصحة كل كلمة يقولها فتركه، ثم استدعى الثاني ينكر ويجحد كل كلمة قالها صاحبها مؤكدا بانه لم يره .. وكانت الدلائل الصدق بارزة ايضا على محيا الجندي الثاني مماجعل الامير يزداد حيرة في امرهما وغائة ماهنالك انه امر بسجن الجنديين الى ان يحقق معهما فيما بعد على اساس انه لابد ان يكون احدهما مرتشيا فعند ذلك سوف يكون عقابه الاعدام من قبل الامير، ولكن سعود الفتى الشهم لم يترك الجنديين يذهبان ضحية الظلم بل راح واوعز لمن يخبر الامير بان جندييه بريئان مما يتهمهما به .. وانه هو المسئول الوحيد عن فرار السجين، كما اوضح الطريقة التي استطاع بفضل حنكته ورباطة جأشه ان يختطف بها رفيقه من بين يدي السجانين بمهارة لايستطيع القيام بتنفيذها الا مغامر اخو نجدة مثل سعود بن فريحان بن دباس الكثيري.
منقول