تسمية البلدة :-
هي جزء من بلادنا التي نعيش فوق أرضها وتحت أديم سمائها والأسماء قوالب المعاني وكل شئ يطلق على شيء فله من اسمه نصيب ، فالرس في اللغة البئر القديمة فإذا أطلقت كلمة الرس فإنما يراد بها البئر القديمة وفقاً لما قال حسان بن ثابت الأنصاري في إحدى قصائده :
أقمنا على الرس النزوع ثمانيا بأرض جرار عريض المبارك
ولهذه البلدة نصيب من اسمها فقد كانت في الزمن القديم مورداً لقبائل العرب ويـؤيد ذلك مـا ذكـره ياقـوت الحموي في معجم البلدان حيث قال (الرس بفتح أوله والتشديد البئر والرس المعدن والرس إصلاح ما بين القوم ) وقال الفيروز بادي في كتابه القاموس المحيط ( الرس ابتداء الشيء ومنه رس الحمى ورسيسها والبئر المطوية بالحجارة وبئر كانت لبقية من ثمود كذبوا نبيهم ورسوه في بئر ) 0
سكان الرس قديماً :-
كان يقطن الرس بنو منقذ بن أعيا بن طريف بن عمرو بن قعين بن الحارث بن دودان بن أسد من بني أسد بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان وهي قبيلة عدنانية كانت الرس آبارا وموارد لهم في العصر الجاهلي تحدث عنها شعرائهم وذكروها وعددوا ميزاتها كما يتضح ذلك جلياً من أشعار بن أبي سلمى المزني حيث قال :
وما نام مياح البطاح ومنعج ولا الرس ألا هو عجلان ساهر
وقـال :
لمن طلل كالوحي عاف منازله عفى الرس منها فالرسيس فعاقله
وجاء ذكر الرس أشعار كثيرة لبعض العرب من غير بني أسد كقول ابنة مالك بن بدر الفزارى في رثائها لأبيها :
اذا سجعت بالرقمين حمامة أو الرس تبكي فارس الكتفان
وهناك مواضع كثيرة محيطة بالرس تردد ذكرها في الاشعار الجاهلية والاسلامية لا تخفي على القراء ، وقد تحدث عن الرس علماء الاماكن بما يلي :
قال ياقوت الحموي في معجم البلدان ( الرس ماء لبنى منقذ بن أعياء من بني أشد قال : الأصمعي الرس والرسيس فالرس لبنى اعياء رهط حماس والرسيس لبنى كاهل ) الخ 0
وقال نصر الاسكندري ( الرس والرسيس ماء ان الرس لبنى بن طريف والرسيس لبنى كاهل ) وكلا الحيين من بني أسد 0
فظهر من هذه الأقوال أن الرس كان في قديم الزمن مورداً لقبائل العرب لا سيما بني منقذ بن اعياء بن أسد رهط حماس الرسيس لبني كاهل وكل هذه القبائل تنتمي إلى بني أسد 0 أما الرس الذي جاء ذكره بالقرآن الكريم فالمقصود به ( فلج الأفلاج ) كما صرح بذلك المفسرون ومن بينهم ابن كثير في كتابيه ( تفسير القرآن ) و ( البداية والنهاية في التاريخ ) وقد خرب الرس برحيل بني أسد إلى بلاد العراق في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضى الله عنه 0
قال الشيخ إبراهيم بن محمد سالم بن ضويان المتوفي سنة 1359هـ في مذكرته التاريخية ( الرس لبني أسد خرب برحيلهم إلى العراق ) الخ ، وذلك لأن عمر بن الخطاب لما استولى على العراق أمر جملة قبائل العرب أن يرتحلوا بأهاليهم من القبائل النجدية والحجازية ليعمروه وخرب برحيلهم كثير من منازلهم حيث استوطن العراق ثمانون ألف بأهاليهم من نجد ومن بينهم قبائل بني أسد 0
وفي القرن الثالث الهجري دخلها العمران فغرست فيها النخيل والأشجار وبذرت فيها الزروع وذلك واضح من النصوص التالية :
قـال يعقـوب بـن السكيت وهـو مـن علماء القرن الثالث الهجري ( الرس والرسيس واديان بقرب عاقل فيهما نخل ) فابن السكيت تحدث في هذا النص عن الرس والرسيس في القرن الثالث الهجري وهذا دليل على قدم عمران الرس وزراعتها وربما أنه كان ينقل هذا الخبر عن اناس تقدموا زمنه بفترة طويلة والرسيس يقع إلى الغرب من الرس على بعد حوالي أحد عشر كيلاً وعاقل هو الوادي الذي يسمي في هذا العهد الحاضر بالعاقلي إلى الجنوب الشرقي من الرس 0
قال الحسن بن عبد الله الاصفهاني في كتابه بلاد العرب ( الرس ماء لبني منقذ بن اعياء به نخيل لبني برثن بن منقذ بن اعياء بن طريف بن عمرو بن قعين بن الحارث بن دودان بن أسد رهط حماس ) الخ 0
وقال ابن الانباري الذي عاش في آخر القرن الثالث الهجري وأول القرن الرابع ( الرس ماء ونخل لبني أسد والرسيس حذائه )
الهجرات المتتالية :-
وبعد أن غادرت القبائل العربية نجد ومن بينها قبائل بني أسد التي كانت تقطن الجزء الأكبر من القصيم حلت قبائل أخرى محلهم وكان من القبائل العربية التي حلت في نجد واشتهرت قبائل بني لام الذين صار لهم صولة وجولة وقوة ونفوذ وهيمنة على أكثر بلدان نجد وكان من أشهر قبائل بني لام قبائل الفضول وآل كثير آل مغيرة وفي القرن العاشر وما بعده انحدرت هذه البوادي من نجد إلى العراق وحلت محلها قبائل عنزة التي كانت بمالها من كثرة ووفرة ذات سلطة ونفوذ فترة طويلة وكانت قبيلة عنزة تقطن اطراف الرس واطراف القصيم وعالية نجد وكان لهم العديد من المياه والموارد حيث كانوا يتتبعون الكلا وقسم منهم يستقر ويبني بعض المنازل عندما يمل حياة البادية وقسم آخر يشتغل بالزراعة وينبت الأرض وكان قد حصل بين قبائل عنزة وبين قبائل الظفير عدداً من الأيام العربية التي فصل منها الشيخ عبد الله بن محمد بن سالم في كتابه ( تحفة المشتاق ) ما حصل في الرس حيث قال وهو يسرد حوادث سنة 598هـ ما نصه ( ثم دخلت سنة خمس وتسعين وثمانمائة في هذه السنة تناخوا عنزة والظفير على الرس واقاموا في مناوختهم نحو عشرين يوما يغادون القتال ويراوحونه طرادا على الخيل ثم أنه مشى بعضهم إلى بعض واقتتلوا قتالا شديدا وصارت الدائرة على الظفير وتركـوا محلتـهم وأغنامهم وقتل عدة رجال من الفريقين منهم نقاء بن صويط ) ، فإبن بسام ذكر الرس ولكنه لم يوضح ما إذا كان في ذلك الوقت بلدا فيه زراعة أم أنه مجرد ماء لا نخل فيه ولا زراعة وظاهر سياق الخبر يدل على أنه ماء 0 فالبدو في الغالب انما ينزلون ويناخون على ماء أو نحوه من اماكن غير ما هوله فإذا كان الأمر كذلك فإن النخيل التي كانت موجودة بالرس في القرنين الثاني والثالث الهجري تكون قد انقضى أمرها وعاد الرس إلى ما كان عليه في العصر الجاهلي ماء من المياه ولكن الذي نأسف له أننا لا نعرف متى كان ذلك ولا غرابة في الأمر فشأن الرس شأن الكثير من البلاد النجدية في ذلك الوقت ودام هذا حتى منتصف القرن العاشر من الهجرة حيث دبت الحياة بالرس من جديد وبدأت أفواج من العرب ترد إليه بقصد الاستيطان حيث أقاموا فيه مساكن من الطين لم تلبث أن كونت قرية صغيرة حيث استوطنها آل صقيه احدى عشائر الوهبه من بني تميم وذلك حوالي سنة 950هـ بعد أن رحلوا من بلدة اشيقر احدى قرى الوشم والتي كانت في ذلك العهد من كبريات الديار النجدية كما جاء ذلك في كلام الشيخ المؤرخ إبراهيم بن صالح بن عيسى حيث قال ( خرج آل صقيه المعروفون من بلد اشقير سنة تسعمائة وخمسين تقريباً وتوجهوا إلى القصيم فأقاموا بالرس وكان خراباً ليس به مساكن فعمروه وسكنوه وامتدوا فيه بالفلاحة ) الخ وقد استوطن الرس مع آل صقيه عشيرة الدعاجي وسكنوا بجوار بادية عنزة التي كانت تستوطن في الصيف وترحل في الشتاء وعمروا منازلهم وكانت اتصالاتهم التجارية ببلدة عنيزة التي كانت في ذلك العهد مصدراً لقضاء حاجياتهم واغراضهم المنزلية الأمر الذي جعلهم يتعرفون على أحد مستوطنيها ممن كانوا يتعاطون التجارة ويكنى أبا الحصين وأسمه محمد بن علي من آل محفوظ من العجمان الذين ينتمون إلى مذكر بن يام من همدان القحطاني فتوطدت الصداقة بينه وبين آل صقيه وتبادلوا الزيارات فاستهوته الرس ورغب في استيطانها واشتراها من آل صقيه وسكنها هو وأولاده سنة 970هـ وبعد ذلك أنتقل آل صقيه إلى بلدة صبيح القريبة من الرس ولا زالوا يقطنونها إلى اليوم 0
قال الشيخ إبراهيم بن محمد بن سالم بن ضويان في مذكرته التاريخية ما نصه ( الرس ماء لبني منقذ بن أعياء من بني أسد خرب برحيلهم إلى العراق وأول من سكنه آل صقيه من تميم في جلوتهم من أشيقر في حدود المائة التاسعة للهجرة ثم باعوه على آل أبا الحصين ) وكان لمحمد بن علي الذي استوطن الرس بعد انتقاله من عنيزة ستة أبناء كان أكبرهم العويصي الذي أصبح رئيس قومه بعد وفاة والده ثم قدم عليهم العديد من القبائل في أوقات متفاوتة فكبرت البلدة وزادت عمارتها وكثرت بيوتها وأنجب العويصي عدى أبناء أكبرهم هديب الذي خلف والده في أمارة الرس وكان قريب عهد ببداوة ولذلك شب محبا للفروسية والغزو عاش على اقتيات رزقة من مجاوريه من القبائل العربية ثم أحب الاستقرار فبنى له قصرا كبيرا ووضع جواره زراعة وبداء يستحصل رزقه منها وبنى سوراً على الرس ومن ضمنه مزرعته وقصره وأسماء حوطة الجو وأعانه أهل الرس في بناء هذا السور الذي يعتبر أول سور نعرفه ولا تزال أثاره واضحة المعالم على الرغم من انتقال الرس من موقعها القديم والتي تبعد عن بعض مواقع هذا السور بحوالي نصف كيلاً والتي تشتمل في الوقت الحاضر على حوطة الرس التي يقطنها آل عليان وآل مفيز وأل مزيد وقسم من تميم 0
غـارة الجلاس :-
وقد أصبحت بلدة الرس بعد تأسيسها هدفاً للغزاة من القبائل العربية وذلك لتوسطها بين مدن وديار القصيم ولموقعها الاستراتيجي بين تلك المدن وطيب هوائها وعذوبة مائها واعتدال مناخها وكثرة الأراضي الزراعية حولها ولكونها في مكان فسيح مترامي الأطراف غني بالموارد الزراعية لمرور وادي الرمة بالقرب منها ، ومما يذكر في تاريخ هذه البلدة أن عشيرة آل جلاس المتفرعة من قبيلة عنزة أغارت على مدينة الرس بعد بنائها وتأسيسها وبعد أن تولى هديب العويصي امارتها فقد استعان بقبيلة الظفير في حربه مع الجلاس مقابل اعطائهم بئرين لسقيا مواشيهم حتى صدوا الغارة وفكوا الحصار عن البلدة بعد أن استمرت الحرب بين الفريقين نحو أربع سنوات وقد اشتري جـد الحميـدان المعـروفين بالرس هذين البئرين من قبيلة الظفير ، وفي بداية القرن الحادي عشر الهجري حصل خلاف بين أبناء محمد بن على وأبناء آل عويصي أخوة هديب وأبنائه وأحفاده على زعامة البلد وتطور هذا الخلاف إلى معركة وقعت في السوق العام بالرس المسمى بالمفرق وذلك سنة 1050هـ وكان من نتيجة هذا الخلاف أن باع أحفاد العويصي نصيبهم على أحد القاطنين بالرس وانتقلوا إلى أقليم السر بأهاليهم وأولادهم وهم معروفون في الوقت الحاضر في بلدة الصوينع 0
وتولى الامارة بعد ذلك عبد الله شارخ الدهلاوي وهو من سلالة محمد بن على ثم خلفه ابنه سعد حيث تولى الامارة في نهاية القرن الثاني عشر الهجري وبعد قيام الشيخ محمد بن عبد الوهاب بدعوته الاصلاحية في نجد أصبحت الرس من أسبق بلدان القصيم إلى تأييد دعوته والانضمام إلى الدولة السعودية الاولى بقيادة الإمام محمد بن سعود رحمه الله ، ومن أعماله أن أغار مع جماعة من قومه ومساعديه سنة 1196هـ على سارحة غنم سعدون بن عويعر وكانت تسمى ( الدغيموات ) وذلك أثناء حصاره لبريدة وقد أشار إلى هذه الحادثة الشيخ حسين غنام في تاريخه حيث قال ( وفي أثناء تلك المدة أغار سعد بن عبد الله أمير الرس مع جماعة من قومه على سارحة أولئك الاعراب فأخذوا غنم سعدون وكانت نحو أربعمائة في الحساب تسمى تلك الدغيموات ) ويسمى أهل القصيم تلك الاغنام الدغيميات ، وحرى بنا ونحن نتحدث عن الأمير سعد الدهلاوي أن نشير إلى أن الشاعرة المشهورة موضى الدهلاوية هي ابنته وقد أوردنا ترجمة عن حياتها مع نماذج من اشعارها في هذا الكتاب 0
حملة طوسون :-
وخلف الدهلاوي على امارة الرس المدعو شارخ بن فوزان بن شارخ بن محمد بن على وفي عهده حصلت حروب وقعت بين جنود الاتراك وبين أهل نجد في بداية القرن الثالث عشر الهجري ولا تكاد تمضي سنة تقريباً دون أ، تجد واقعة أو حادثة وقعت بالرس أو ما حولها وقد مكث بالامارة مدة طويلة ، ومن الحوادث التي حصلت في أيامه أن أرسل أحمد طوسون إلى أهل الرس والخبراء القريبة منها رسائل سنة 1230هـ وكاتبه البعض فسار جيش طوسون إلى القصيم ودخلوها واستوطنوها واستولوا على ما حولها من قصور ومزارع مثل ضرية ومسكه والبصيري ونجخ القرى المعروفة في تلك النواحي ولما كان غالبية أهل الرس لم يوافقوا على قدوم الجيش التركي إلى بلدتهم فقد انحازوا إلى الشنانة وتحصنوا في قلعتها فسار الترك إليهم وحاصروهم أشد حصار ورموهم بالمدافع والقنابل ولكنهم ثبتوا وقتلوا عدد كبيرا من رجال الجيش التركي مما اضطر هذا الجيش في نهاية الأمر إلى الرحيل 0
وكان الإمام عبد الله بن سعود مقيم في عنيزة فرحل ونزل الحجناوي الماء المعروف بين عنيزة والرس فتحصن الاتراك في الخبراء والرس وأقام عبد الله بن سعود وجيشه على الحجناوي قرابة الشهرين ووقع بينه وبين الترك قتال شديد فألقى الله الرعب في قلوب الاتراك وجنحوا إلى السلم ثم عاد عبد الله بن سعود إلى الدرعية ومعه أمير الرس شارخ بن فوزان بن شارخ ومنيع الخليفة أمير الشنانة ورجلان من أهل الرس وسميت هذه الغزوة ( محيط ومحرش ) 0
غزوة إبراهيم باشا :-
وتولى أمارة الرس منصور بن عساف بن ناصر بن محمد بن على ودام فـي امـارة الـرس سنة واحدة وفي أثناء حصلت الحرب المشهورة عام 1232هـ بين أهل الرس وبين إبراهيم باشا الذي خرج بعد تمركزه بالمدينة قاصداً الدرعية للاستيلاء عليها طوع جميع البلدان التي مر بها عدا الرس فقد صمدت في وجهة وأظهرت بسالة فائقة مما جعله يقطع النخيل ويحاصرهم أشهرا عديدة وكان يحيط بالرس سور منيع ، ولما كان مخيمه الرئيسي محاذيا للمدينة من الجهة الجنوبية فقد حفر لغما يقارب أثنين كيلاً ويبدأ هذا اللغم من موقع مخيمه وينتهي بمقصورة الرس الجنوبية وملأه بكمية من ملح البارود بقصد نسف السور فلما علم أهل الرس بذلك ابتكروا حيلة ناجحة هي أنهم نافذة صغيرة تطل على اللغم وأتوا بقط وعقدوا في ذيله فتيلة وأشعلوا فيها النار ثم أدخلوا هذا القط بالدبل فاتجه نحو فتحته الأمر الذي أدى إلى اشتعال البارود والقضاء على الكثير من جنود إبراهيم باشا ويقدر عدد قتلاه في هذه الحرب حوالي ألف وخمسمائة رجل حسبما روي عن الشيخ صالح القرناس أو ستمـائة رجـل حسبمـا ذكـره عثمان بن بشر في كتابه ( عنوان المجد ) بينما القتلى من الرس ما يقارب سبعين شهيداً قبروهم في مقبرة تقع وسط الرس الحالية وتعرف بمقبرة ( الشهداء ) ومن بينهم العالم المشهور صالح بن راشد الحربي وقد خلد شعراء الرس هذه الحرب ومن بينهم موضى بنت سعد الدهلاوي والتي يقال لها الدهلاوية التي قالت قصيدة مطلعها 0
هيه يا راكب حمرا ظهــــــــيره تـــــزعج الكــور نابية السنام
كما خلدها صالح العوض بقصيدة مطلعها :
قال من هو بدا عالى مراقيبه مرقب للعمى عناه واشقانا
وقد جرح أمير الرس منصور العساف أثناء الحرب فتولى الامارة من بعـده علي بن إبراهيم بن سليمان بن شارخ بن محمد بن علي كما تولى قيادة أمـور الحـرب الشيخ قرناس بن عبد الرحمن بن قرناس المولود سنة 1194هـ و المتوفي سنة 1262هـ وبعد أن أستولى إبراهيم باشا على الدرعية عاد أمير الرس السابق شارخ بن فوزان بن شارخ ومن معه إلى الرس واستوطن بلدة الشنانة القرية المعروفة قرب الرس وفي بلدة عنيزة باب مشهور باسم باب شارخ وقد استمر على البراهيم الشارخ أميراً على الرس حتى توفى وخلفه في امارة الرس ابنه محمد الذي ذكر في حوادث 1269هـ ثم خلفه أخوه حزاب العلى آل إبراهيم ثم فهد الشارخ بن فوزان بن شارخ ثم مزيد بن مسعود بن فوزان بن شارخ ثم سعد بن محمد الاكرش من آل مفيز ثم على بـن سعد بن عليان الذي يقال لـه ابن عبيا ثم صارت الامارة في آل رشيد 0
حيث تولى الامارة رشيد بن عبد الله بن رشيد بن زامل بن على بن محمد بن على وخلفه ابنه عبد العزيز في الامارة حتى توفى سنة 1278هـ فتولى امارة الرس عساف بن سيف بن عساف ولم يستمر طويلا حيث تولى الامارة صالح بن عبد العزيز بن رشيد الذي دام في الامارة ما يزيد عن خمسين عاما تخللها امارة عدد من الامراء وهم عساف العواجي وأخيه خالد بن عبد العزيز آل رشيد وحسين العساف وأثناء امارته على الرس تولى مهنا بن صالح آل أبا الخيل امارة القصيم وذلك في شهر ربيع الأول سنة 1280هـ الذي أراد مهاجمة قبيلة مطير ورئيسها سلطان بن محمد الدويش الذي قدم إلى الرس طالبا حمايته من مهنا وجيشه وكان عبد الله الشارخ قد انتقل من الشنانة إلى المطيات بعد وفاة ابيه شارخ وكان من أصحاب الحل والعقد
بالرس بعد الأمير والذي هب لحماية سلطان الدويش عندما استنجد به كما هب أهل الرس لمساعدته واقاموا العرضة في ميدان فسيح أمام الرس فلما وصل الأمير مهنا إلى بلدة الرويضة وسمع أصوات الطلقات النارية التي تطلق في العرضة تراجع عن عزمه وعاد من حيث أتى لأنه عرف أن أهل الرس تعهدوا بحماية الدويش 0
وقد خلد هذه الحادثة الكثير من شعراء وشاعرات الرس حيث قال سليمان الفتال في قصيدة له ملأها بالفخر ومطلعها :
يا لله اليوم يا جالى الهموم يا أبا الافراج يا منشى الغمام
وقالت رقية بنت عبد الله الصالحي تخلد هذه الحادثة بقصيدة مطلعها :
جا مهنا يقود الحرب بحزامه قاصد الرس والجهيل من دونه
وقالت فضة النيف المريس قصيدة مطلعها :
يا الله أني طالبك منشي الرعود ترحم اللي جاه شرف زابنات
وقد أشرنا إلى هذه القصائد كاملة ضمن تراجم شعراء المذكورين 0
وقعة الشنانه :-
وفي عام 1322هـ حصلت الوقعة المعروفة بوقعة ( الشنانة ) بين عبد العزيز بن متعب بن رشيد أمير حائل وبين جالة الملك الراحل عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود وبمعيته أهل الرس حيث أقام الأول في بلدة الشنانة واتجه بمدفعه نحو الرس وجعل يطلق عليها نيرانه وفي أثناء أقامته في تلك المنطقة جرى بينه وبين ابن سعود مناوشات ومعارك متقطعة غير أنه كان الخاسر في تلك المعارك ، وهناك حروب اخرى أظهر فيها أهل الرس بسالة سجلها التاريخ 0
وفي سنة 1325هـ طلب أمير الرس صالح بن عبد العزيز الرشيد من جلالة الملك عبد العزيز اعفاؤه من الامارة لكبر سنه وبعد أن دامت الامارة في آل رشيد مدة طويلة حيث تولى الامارة من بعده حسين بن عساف بن سيف عساف الحسين المنصور ثم ابنه حسين العساف وبعد احالته للتقاعد تولى الامارة منصور العساف 0
وعلى كل فإن الرس هي البلد المعروف بهذا الاسم منذ قديم الزمن حتى الوقت الحاضر وهي مدينة رئيسية تقع في القصيم في قلب اقليم نجد بالمملكة العربية السعودية على ضفة وادي الرمة الجنوبية وتعد ثالثة مدن القصيم بعد بريدة و عنيزة المدينتين المشهورتين ويربطها بالرياض والحجاز وكبريات مدن المملكة خطوط مسفلتة فهي على الطريق المؤدي إلى مكة المكرمة في القسم الجنوبي الغربي من اقليم القصيم على بعد خمسين ميلا أو ثمانين كيلاً عن مدينة بريدة في جنوب غربها وتبعد عن عنيزة أربعين ميلاً
او خمسين و ستين كيلاً في شمال غرب عنيزة ويتبع هذه المدينة ما يربوا عن مائة قرية وهي تشغل بقراها المجاورة لها ما بين حاضره وبادية معظم الجزء الغربي من القصيم 0
وقال الشيخ محمد بن عبد بلهيد في تعليقه على كتاب صفة جزيرة العرب للهمداني ما نصه ( الرس هي مدينة في غرب القصيم مجاورة لوادي الرمة في شمالية وهي من المدن المعروفة في نجد ومن أهم مدن المملكة العربية السعودية وتمتاز على غيرها من المدن بموقعها الهام وهوائها العليل ومائها العذب وهي أول بلد حاصرها إبراهيم باشا المصري فأعيته وبقى عليها ستة أشهر ثم صالحها على شرط أن يدخلها على حصانه من بابها الغربي ويخرج من بابها الشرقي ولهذا البلد اسم غير الرس وهو ( الحزم ) كما قال شاعرهم في بيت من قصيدة له شعبية :
يا أهل الحزم يا نقاله الغالي اسمعوا رد قيل في مواجيبه
والرس معروف بهذين الاسمين إلى عهدنا الحاضر ( الرس – الحزم )
الـرس الحديثة :-
وفي ظل العهد السعودي الزاهر وبفضل القيادة الحكيمة للدولة السعودية نمت البلد واتسعت وفتحت بها مدارس للبنين والبنات في كافة المراحل التعليمية ، الابتدائية والمتوسطة والثانوية واشتملت على كلية متوسطة للبنين وكلية متوسطة للبنات 0 ومركز للتدريب المهني ، ومكتبة عامة 0
وتشتمل مدينة الرس على العديد من المرافق من امارة ومحكمة وشرطة وإدارة للأحوال المدنية ومكتب للأقامة وإدارة مرور وإدارة مطافئ وبلدية وإدارة تعليم البنين وإدارة تعليم البنات وشئون اجتماعية ورعاية للشباب ومكتب للعمل والعمال ومكتب للحج والأوقاف وغرفة تجارية وفروع لبنوك الرياض والعربي والأهلي والراجحي ومكتب للخطوط السعودية ومكتب سياحي ووحدة زراعية وبنك زراعي ومكتب لشئون المياه ومكتب للبريد وإدارة للهاتف وإدارة للبرق والتليكس ومستشفى ومستوصف حكومي ومستوصفين أهليين ومركز للهلال الأحمر وغيرها كما استفادت الرس من القروض التي تدفعها الدولة للمواطنين من بنوك التنمية العقارية والزراعية والصناعية فازدادت العمارة واتسعت وازداد عدد السكان حتى صار عددهم يربوا على خمسين ألف نسمة 0
وقد أكسب وادي الرمة اراضي الرس خصوبة وصارت صالحة للزارعة وكان لذلك أثره في جودة الانتاج ووفرته فكثرت بها الحبوب والتمور والخضار وبعض أنواع الفاكهة وما زالت هذه البلدة تأخذ نصيبا وافرا من المشاريع التعليمية والعمرانية والزراعية والصناعية بفضل رعاية قائد هذه الأمة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز المفدى وسمو ولي عهده الأمين.
المصدر : شبكة الرس نت:$