عرض مشاركة واحدة
قديم 19-06-2012, 10:28 PM   #3
عضــو لامـــــي
 

الصورة الرمزية ولد الأشراف
 

تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 25
آخـر مواضيعي
 

افتراضي





1.القبائل البدوية:

يذكر خورشيد باشا ، نفس المصدر السابق ، وذلك عند حديثه عن هذا الصنف من قبائل المنتفق ، ص: 54 ((( يعتمدون على الجمال والخيول ويعتبرونها هي الاساس ، بالنسبة لحياتهم يعيشون في الصحراء منذ الفطرة ... يملك بعض بدو المنتفق بساتين النخيل والاراضي في اماكن مختلفة ولكنهم لايزرعونها بأنفسهم بل يعطونها للفلاحين كما يجمعون لهم التمور لقاء أجور معينة))). وتحسب الأسرة الحاكمة في مملكة المنتفق وأسرة المشيخة لاتحاد قبائل المنتفق – أسرة آل سعدون الأشراف (التي كانت تعرف سابقا بـ آل شبيب) – على هذا الصنف من القبائل ، حيث يقيم حاكم مملكة المنتفق في ضواحي مدينة سوق الشيوخ (عاصمة مملكة المنتفق) ويحيط بمكان أقامته الكثير من قبائله البدوية التي تشكل المعسكر الحربي الرئيسي له ويبقى لمدة 9 أشهر من السنة في نفس المكان وفي فصل الربيع يبدا حاكم مملكة المنتفق وشيخ مشايخ قبائلها بالتنقل مع قبائله البدوية طوال فصل الربيع ولمدة 3 أشهر ، حيث يتنعم بالهواء الطلق ويمارس الصيد ، يذكر المؤرخ والمستشرق الألماني البارون ماكس فرايهير فون أوبنهايم ، في كتابه البدو ، عند حديثه عن الأسرة الحاكمة في مملكة المنتفق وعلاقتهم بقبائلهم البدوية ، قسم المنتفق ، ج:3 ، ص: 625 ((( على الرغم من هذا الارتباط الوثيق بالأرض كان شيوخ الشبيب – سعدون يشعرون بأنهم أمراء بدو. فكان شيخ المشايخ يتجول في مارس/ آذار أو قبل ذلك مع البدو لمدة ثلاثة أشهر في الصحراء ))). يذكر خورشيد باشا ، نفس المصدر السابق ، وذلك عند حديثه عن عادات وتقاليد شيخ مشايخ المنتفق من أسرة آل سعدون الأشراف وعن قبائل المنتفق البدوية ، كتاب ولاية البصرة - من كتاب (سياحة نامة حدود) جولة بالمناطق الحدودية بين الامبراطورية العثمانية وفارس- ص: 60 ((( يتوجه شيخ مشايخ المنتفق عند حلول فصل الربيع الى الشامية (البادية) ويبقى هناك لمدة ثلاثة أشهر حتى حلول فصل الصيف ، ويتجول الشيخ في مناطق البراري والاماكن التي توجد فيها الاعشاب والمياه ، يصطاد انواع الطيور والحيوانات البريه وحتى صيد السمك ، ويتنعم بالحياة كلية بالهواء الطلق ، كبقية أبناء عشائر المنتفق الاصلية الذين يعيشون حياة بدوية في اماكنهم. ففي بداية فصل الربيع يحملون معهم خيامهم واطفالهم وزوجاتهم ومواشيهم ويتجهون الى الشامية ويتجولون مع شيخ مشايخ المنتفق طيلة فصل الربيع بدون تمييز))). يذكر هارولد ديكسون ، الوكيل السياسي البريطاني والذي عمل كسياسي بالعراق بعد الحرب العالمية الأولى ، في كتابه عرب الصحراء ، وذلك عند حديثه عن الأسرة الحاكمة في مملكة المنتفق وأسرة المشيخة في اتحاد قبائل المنتفق – أسرة السعدون الأشراف وعند حديثه عن قبائل اتحاد المنتفق وعن شهرة اسم المنتفق في المجتمع العربي وعن بادية العراق (((وتاريخ تحالف المنتفق يرتبط ارتباطاً لا ينفصم بالسعدون ، واسم المنتفق ذاته كما يستخدم في العراق يشير فقط إلى العائلة الحاكمة وإلى عبيدها وأتباعها والذين يعتبرون جزءاً لا يتجزأ منها. ولا يوجد أحد من رجال القبائل في العراق يدعو نفسه منتفقي مع أنه قد يستخدم الكلمة عندما يكون في مكة أو دمشق حيث لا تعرف قبيلته الصغيرة في حين أن شهرة المنتفق على كل لسان في المجتمع العربي. ومكانة السعدون والتي تتمتع بأهمية سياسية كبرى في جنوب ما بين النهرين تعتمد بشكل رئيسي على أصولهم وبشكل جزئي على الجهل التركي الرسمي أو تجاهلهم بعلاقتهم بالقبائل. كما لا يجب أن يغرب عن البال أن السعدون يرتبطون بالنظام الاجتماعي للصحراء ولم يخضعوا لتأثيرات المحلية التي خضعت لها قبائل العراق والتي كانت مثلهم من المهاجرين من الجزيرة العربية والذين سبقوهم بالهجرة وهم لذلك أكثر اتصالاً بتقاليد وعادات ما بين النهرين. وقد حافظ آل السعدون على السمات التي تميز بدو الجزيرة العربية ، فهم من السنة ومن أهل البعير أي الإبل وديرتهم هي منطقة الحماد غربي الحي أو جنوب الفرات حيث حفروا أو أعادوا حفر الآبار في منازلهم القبلية المعتادة وإليها يعودون بعد هطول المطر المبكر وحيث يتمتعون بسلطتهم كزعماء مستقلين للصحراء))).

2.القبائل الشاوية:

يذكر خورشيد باشا ، نفس المصدر السابق ، وذلك عند حديثه عن هذا الصنف من قبائل المنتفق ، ص: 55 ((( تتكون ثروة هذا الصنف من عشائر المنتفق من الاغنام وبعض اعداد الثيران ويزاولون الزراعة على نطاق ضيق ويربي بعضهم الخيول ، يتمتع الشاوي من ناحية الحرية بالدرجة الثانية وينتقلون من مكان الى آخر بسهولة))).

3.القبائل الزراعية – الفلاحون:

يذكر خورشيد باشا ، نفس المصدر السابق ، وذلك عند حديثه عن هذا الصنف من قبائل المنتفق ، ص: 55 ((( يزرعون الفسيل والمحاصيل الحقلية المختلفة والرز والحبوب بأنواعها الحنطة والشعير والذرة والدخن في المناطق التي لاتتواجد فيها بساتين النخيل))).

4.قبائل الأهوار – المعدان:

يذكر خورشيد باشا ، نفس المصدر السابق ، وذلك عند حديثه عن هذا الصنف من قبائل المنتفق ، ص: 55 ((( يمثلون الطبقة الثالثة وسط قبائل المنتفق ، يعملون في التجارة وتربية الجاموس ويعمل بعضهم في الزراعة. ان وجود الجاموس يجعل انتقالهم صعبا من مكان الى آخر لانهم لايمكنهم ان يكونوا بعيدين عن الماء ، وتتجول هذه المجموعة من العرب في مناطق الفيضان ومصبات الانهار حيث يوجد الكثير من القصب والبردى لان حيواناتهم تحب الماء كثيرا))).

وتنتشر قبائل اتحاد المنتفق في مملكة المنتفق في مناطق مختلفة من الناحية البيئية ، فهنالك القبائل التي تقيم على الأنهار (جانبي شط العرب والفرات ودجلة ونهر الغراف) وهنالك القبائل التي تقيم في البادية الممتدة من شمال الأحساء وشمال نجد مرورا بالبادية الجنوبية للعراق ووصولا الى البادية الممتدة شمال السماوة ، وهنالك القبائل التي تقيم في منطقة الجزيرة بين ثلاثة أنهار ( الفرات ودجلة والغراف) أو شمالها ، وهنالك القبائل التي تعيش في منطقة الأهوار (الجزائر) ، وأخيرا هنالك سكان المدن والبلدات والقرى في مملكة المنتفق وأشهرها عاصمة مملكة المنتفق مدينة سوق الشيوخ ، حيث كان يقيم فيها وحولها (عام 1820م)عشرون ألف بيت معظمهم من قبائل اتحاد المنتفق ، يذكر السيد محمد آغا الفارسي ، كتاب رحلة المنشي البغدادي الى العراق ، رحلته عام 1820م ، ص: 146 (((ومن السماوة الى سوق الشيوخ ثمانية عشر فرسخا وفي هذه البلدة عشائر المنتفق، يسكنون السوق وفي أنحائه، وعدتهم عشرون ألف بيت وهم في جانبي الفرات ، ومذهبهم مذهب أحمد بن حنبل ، وبعضهم شيعة ))). يذكر خورشيد باشا (الذي اشترك بلجنة الحدود العثمانية الفارسية ما بين 1848م - 1852م وأصبح واليا لأنقرة لاحقا ) في تقريره الذي أعده للدولة العثمانية ، وذلك عند حديثه عن أماكن سكن قبائل المنتفق واعمالهم وحياتهم ، كتاب ولاية البصرة - من كتاب (سياحة نامة حدود) جولة بالمناطق الحدودية بين الامبراطورية العثمانية وفارس- ص: 56 ((( يسكن القسم الأكبر من عشائر المنتفق في اراضيهم الخاصة بهم والتي يملكونها والتي ذكرناها والواقعة على الضفة اليمنى واليسرى لشط العرب وعلى جزر الانهار. ويملكون بساتين النخيل في الارض الممتدة بين سوق الشيوخ والقرنة وعلى ضفاف الفرات ، كما تملك البساتين في الشامية وفي المدن. كماتزرع بعض قبائل المنتفق الرز في الجزر وفي المناطق العليا من منطقة الجزيرة ، اذ تنتج كميات كبيرة من الرز والحبوب الأخرى. يملك الشاويه والمعدان اعداد كبيرة من الاغنام والثيران والجاموس. وتنمو بساتين النخيل بين سوق الشيوخ والسماوة ، وعلى ضفاف الفرات تكثر اشجار النخيل والنباتات الطبيعية. اما بالنسبة لنهر دجلة فلا يوجد النخيل في حوضه ماعدا منطقة القرنة حيث تكثر بساتين النخيل ، تنمو انواع كثيرة من الحبوب خاصة الشعير بالدرجة الاولى والهرطمان ومزروعات شهر مايو في الجزيرة مابين دجلة والفرات وفي ذلك المكان الذي كتبنا عنه مايسمى بالنهر الكبير – الفرع الكبير. يضاف الى ذلك تحصل قبائل المنتفق على ارباح عالية من تربيتها قطعان الجمال والخيول والماشية ، وتصدر بعض منتجاتها الحيوانية والزراعية حسب الطلب الى بغداد او تباع الى قبائل عنزة. ويصدر القسم الاخر من الانتاج الى البصرة عن طريق دجلة والفرات. اما الخيول الصغيرة – المهر- فأما ان تباع الى تجار الخيول في سوق الشيوخ أو تباع في البصرة ثم يصدرها التجار الى الهند ... وهم يخزنون قسما من انتاجهم من الحبوب والتمور في اواني مصنوعة من الطين وسعف النخيل تسمى – قوصرة – ويخزنون القسم الاكبر من الحبوب في حفر داخل الارض وتغطى بالتراب وتكون لها رائحة مميزة. تستعمل هذه الطريقة للخزن في عربستان وكردستان والاناضول))).

في الختام تعتبر قبائل اتحاد المنتفق وقيادتهم ( أسرة السعدون الأشراف – آل شبيب سابقا) أبرز وأكثر من دافع وناضل المحتلين للعراق تاريخيا وخصوصا (العثمانيين والفرس والأنجليز)، يذكر د. طارق نافع الحمداني، في كتابه الخليج والجزيرة العربية بين القرن السادس عشر والقرن العشرين، ص: 176 ((( كان لقبائل المنتفق أهمية كبرى في شؤون العراق خلال العصور الحديثة ، بخاصة في مقارعة قوى الاحتلال والتسلط الأجنبي))). ويذكر نضال قبائل المنتفق أمام العثمانيين ، مؤرخ العراق الكبير عباس العزاوي ، كتاب عشائر العراق ، ج 4، قسم امارة المنتفق، ص: 27 (((وحالة المنتفق المشهودة في مختلف ايام حياتها خير مثال تاريخي يعين الاوضاع والنفسيات في حب الاستقلال والنضال عنه ، والذب عن حريمه. والمهم أن المنتفق ناضلوا نضالا باهرا طوال العهد العثماني. ولو كانوا تسلحوا بالأسلحة الجديدة لحالوا دون آمال الدولة. بل أكسبتها الحوادث المتوالية خبرة ، والظروف القاسية تجربة فكم وال خذل، ورجع بالخيبة ،وكانت تعقد عليه الآمال. وتاريخ المنتفق صفحة كاشفة لسياسة العشائر في العراق، تجلت بأظهر أوضاعها. وفيها دراسة عميقة وافية لنفسيات هذه العشائر. ومابلغته))).
ويذكر نضال اتحاد قبائل المنتفق في النصف الأول من القرن الثامن عشر ، المؤرخ العثماني الشيخ الأديب عبد الرحمن السويدي البغدادي (المولود عام 1721م)، في كتابه حديقة الزوراء في سيرة الوزراء (((فإن هؤلاء المنتفق، العرب مضرة، عجزت الولاة عن كسر شوكتهم وذلت الوزراء عن درء أذاهم))). وينقل مؤرخ العراق الكبير عباس العزاوي ، عن المؤرخ العثماني يوسف عزيز المولوي في كتابه قويم الفرج بعد الشدة – في بداية القرن الثامن عشر وذلك عند ذكر المؤرخ العثماني لنضال قبائل المنتفق أمام العثمانيين، كتاب عشائر العراق ، ج 4، قسم امارة المنتفق، ص: 28 (((وكان المؤرخ المولوي قد وصفها بالنظر لاوضاعها في أوائل المائة الثانية للهجرة وماقبل ذلك فقال:" إن عربان المنتفق أصل الفتن والاضطربات في بغداد والبصرة، فهم جمرة الحرب وأشجع العربان، ومنشأ القلاقل ... في رؤوسهم المغافر، وعلى أبدانهم الدروع الذهبية"))). يذكر نضال قبائل المنتفق ضد العثمانيين والفرس ، المؤرخ يعقوب سركيس ، في كتابه مباحث عراقية ، ق 3 (((ليس بخاف على من له اطلاع على تاريخ آل سعدون، ذوي الشرف الباذخ والعز الأثيل أنهم جعلوا من (اتحاد) المنتفق قدوة للعشائر والقبائل، حاربوا به العثمانيين والفرس وأنزلوا بهم الهزائم))).

كان هذا عرض موجز ، وسوف يكون هنالك بحث موسع لاحقا باذن الله عن أسرة آل سعدون (الأشراف) ومملكة المنتفق وقبائل وعشائر اتحاد المنتفق ، وسوف يتضمن الحديث عن الكثير من الآثار العمرانية لـ آل سعدون كالمدن الأخرى التي بنوها و المدارس والمساجد الدينية التي أنشأوها والأنهار التي شقوها و الأراضي الزراعية التي استصلحوها وسياسة تشجيع الهجرة الى مملكة المنتفق التي سنوها تاريخيا ، والعلماء والقضاة والولاة وأسر المشيخة المعينين من قبل آل سعدون ، والمسيحيين واليهود والصابئة في مملكة المنتفق ... وغيرها من الأمور التاريخية المنوعة.

4- مملكة المنتفق والعثمانيين من 1668م الى 1775م:

قبل الدخول في عهد حاكم مملكة المنتفق وشيخ مشايخ قبائلها الأمير الشريف ثويني بن عبدالله بن محمد بن مانع آل شبيب ينبغي معرفة بعض أبرز الأحداث في القرن السابق للحدث الرئيسي في هذا الموضوع وذلك لإعطاء تصور أفضل لفهم الأحداث السياسية والعسكرية لمملكة المنتفق ولإعطاء نبذه عن نفوذ وثقل مملكة المنتفق وحكامها التاريخي في المنطقة. لذلك سوف نسرد الأحداث بشكل موجز في هذا القسم ، يتضمن هذا القسم الحديث عن خمسة من حكام مملكة المنتفق ، وننقل هنا شجرة الأسرة الحاكمة في مملكة المنتفق والتي تشمل الشخصيات التي يغطيها هذا القسم من البحث والتي يغطيها هذا البحث بشكل عام ، وهذه الشجرة للمؤرخ الإنجليزي ستيفن هيمسلي لونكريك، في كتابه ( أربعة قرون من تاريخ العراق الحديث ) وهو كتاب يتحدث عن تاريخ العراق في الأربع قرون التي سبقت الحرب العالمية الأولى، وقد عمل مؤلف الكتاب كمفتشا إداريا بالعراق من قبل بريطانيا العظمى في الفترة التالية للحرب العالمية الأولى. وضع المؤلف شجرة لأسرة السعدون في الملحق الثاني في صفحة 420، وقد ذكر المؤرخ في كتابه أربع مشجرات لأربع أسر سوف يرد ذكر ثلاث منهم في هذا البحث ، وهذه الأسر هي : أسرة حسن باشا (أسرة المماليك ولاة بغداد والممثلين للدولة العثمانية) وأسرة الجليليين (ولاة مدينة الموصل) وأسرة البابانيين (ولاة امارة بابان في كردستان) وأسرة آل شبيب - آل سعدون (حكام مملكة المنتفق التي تشمل معظم مناطق وقبائل وعشائر جنوب ووسط العراق).وقد وردت الأسر بالكتاب بالنص التالي:
1. أسرة حسن باشا.
2. أسرة الجليليين.
3. أسرة البابانيين.
4. أسرة آل شبيب (السعدونيون).

سجل لمشاهدة الروابط

أولا- مانع بن شبيب:

كان وصول الأمير الشريف مانع بن شبيب آل شبيب (الجد الثاني للأمير ثويني بن عبدالله – جد والده) للحكم تأثير واضح على الأحداث في العراق وخصوصا فيما يتعلق بالدولة العثمانية ونفوذها ، يذكر المؤرخ الإنجليزي ستيفن لونكريك في كتابه (أربعة قرون من تاريخ العراق الحديث) اتساع مملكة المنتفق وحدودها (الشمالية والشرقية والغربية) وذلك عن حديثه عن حاكم مملكة المنتفق (مابين عام 1668م – 1703م) الأمير الشريف مانع بن شبيب آل شبيب وعن نفوذه ومناطق حكمه بالعراق وخارجه ويقارن هذا النفوذ بنفوذ الحكام الأتراك في بغداد وشمال العراق وكيف أن الأمير مانع يفوقهم نفوذا ، ص: 150 (((ولم يدر في خلد أي باشا غريب أن يأمل نفوذا شاملا مثل نفوذه. فقد امتلك قسما من عربستان، وكان مسيطرا على ما بين دجلة وعربستان من سهول وأهوار، وأطاعته بدرة وجصان ومندلي، وقد غطت سطوته يومئذ على سطوة الحويزة، اما على الفرات فقد استولى على العرجة والسماوة والرماحية))). يذكر المؤرخ حسين خلف الشيخ خزعل في كتابه تاريخ الجزيرة العربية , ج1 ، ص:39 ، حدود مملكة المنتفق الجنوبية والغربية في نفس الفترة التي ذكرها ستيفن لونكريك (((وماكاد يحل القرن الثاني عشر حتى انتشرت الفوضى في نجد وعم الانقسام , وتوسعت الفرقة , وتفرقت الكلمة , وتعددت الامارة والمشيخات , فكانت الأمارة في العيينة لآل معمر , وفي الدرعية لآل سعود , وفي الرياض لآل دواس , وفي الأحساء لبني خالد , وفي نجران لآل هزال , وفي حائل لآل علي , وفي القصيم لآل حجيلان , وفي حدود نجد الشمالية وجنوب العراق لآل شبيب))).
وهذه خريطة تبين حدود مملكة المنتفق في عهده:

سجل لمشاهدة الروابط

استطاع الأمير مانع بن شبيب آل شبيب أن ينتزع مدينة البصرة من العثمانيين ويجعلها عاصمة لدولته لثلاث مرات أخرها لمدة تقارب الأربع سنوات ، وقد كانت الدولة العثمانية ترسل له الحملات المتتابعة والتي كانت تعود كلها بخسائر كبيرة مماادى الى اصابة والي بغداد العثماني –أحمد باشا- بمختلف الأمراض نتيجة عجزه عن كسر شوكة حاكم مملكة المنتفق واستعادة ميناء العراق – مدينة البصرة – الى النفوذ العثماني ، يذكر المؤرخ العثماني نظمي زاده مرتضى افندي ، في كتابه كلشن خلفا، ص: 299 ((( انعمت الدولة العلية في بداية السنة 1102 على الوزير أحمد باشا بولاية بغداد ، وكان المشار اليه مشهورا بأسم أحمد باشا البزركان ، وقد وصلها في اليوم السابع عشر من شهر ذي الحجة وباشر أعماله. وفي خلال حكمه كان شيخ المنتفق الشيخ مانع يتولى الحكم على البصرة قهرا وتمردا ، وقد أرسلت اليه الدولة الحملة أثر الحملة ولكنه في كل مرة يتغلب عليها فتعود بالخسران ، ماأدت هذه الحالة الى اصابة الوالي بمختلف الأمراض لتأثره ، وأخيرا وفي اليوم الثاني من شهر شوال سنة 1103 انتقل الى رحمة الله ودفن بجوار المجتهد الأقدم والامام الأعظم أبي حنيفة رضي الله عنه))). هذه الانتصارات العسكرية الكبيرة والمتتالية على الدولة العثمانية اضطرتهم الى طلب العون من دولة بني خالد في شرق الجزيرة العربية ، الا أن تدخل دولة بني خالد عسكريا أدى الى هزيمتهم أمام قوات حاكم مملكة المنتفق الأمير الشريف مانع بن شبيب ومقتل أحد زعمائهم الأمير ثنيان بن براك آل حميد والذي كان مرشحا لحكم دولة بني خالد ، يذكر عبدالكريم المنيف الوهبي في كتابه بنو خالد وعلاقتهم بنجد 1080 - 1208 هـ/ 1669 – 1794م ، ص: 356 ((( بوفاة محمد تولى ابنه سعدون المرشح الأول للزعامة الخالدية مقاليد الحكم دون أي معارضة لاسيما أن ثنيان بن براك أحد المرشحين الأقوياء لتولي تلك الزعامة الخالدية كان قد قتل قرب البصرة أثناء قيادته لقوات بني خالد في صراعها مع المنتفق سنة 1103هـ / 1692م ))). ويشيرعبدالكريم المنيف الوهبي الى أن سبب هذه المعركة هو طلب العثمانيين من دولة بني خالد العون العسكري، وذلك في كتابه بنو خالد وعلاقتهم بنجد 1080 - 1208 هـ/ 1669 – 1794م ، ص: 391 (((فمن المستبعد أن ينسى بنوخالد هزيمتهم على يد مانع ومقتل ثنيان بن براك ، ولأن هذا الصراع كان سببه محاولة بني خالد القضاء على تمرد مانع بتحريض من سلطات البصرة العثمانية ))).

بعد ذلك حاولت الدولة العثمانية استمالة الأمير مانع بن شبيب ووصله عرض بمخصصات مالية من قبل الباب العالي مقابل ترك البصرة للعثمانيين ، وقد وافق الأمير مانع على ذلك ، الا ان أهل البصرة طردوا الوالي العثماني لاحقا واستنجدوا بالأمير مانع بن شبيب الذي رجع وأحتل البصرة عام 1694م – 1106هـ ، يذكر المؤرخ حمد بن لعبون ، مؤرخ الدولة السعودية الأولى والثانية ، ولد قبل عام 1768م وتوفي عام 1844م، كتاب تاريخ حمد بن محمد بن لعبون ، احداث سنة 1106 هـ ، ص: 303 (((وفيها: ملك مانع بن شبيب البصرة))). هذه العوامل كلها أدت الى قيام الدولة العثمانية بالتجهيز لحملة إقليميه ضخمه ضد حاكم مملكة المنتفق الأمير الشريف مانع بن شبيب آل شبيب ، هذه الحملة ضمت العديد من الألوية العثمانية في العراق وخارجه وضمت قوات حاكم الحجاز الشريف سعد بن زيد بالإضافة لقوات دولة بني خالد ، الا ان هذه الحملة فشلت بعد تحركها مباشرة وربما يعود السبب في ذلك الى حالة العثمانيين الاقتصادية في العراق وذلك بعد فقدهم لأهم مورد مالي لهم في العراق وهو مدينة البصرة (ميناء العراق) وبالتالي تفرقت قوات الحملة وعادت الى بلدانها ، يذكر عبدالكريم المنيف الوهبي في هامش كتابه بنو خالد وعلاقتهم بنجد 1080 - 1208 هـ/ 1669 – 1794م ، ص: 391((( سيرت حملة عسكرية كبيرة لاستعادة البصرة سنة 1107هـ ولكنها فشلت قبل الوصول للبصرة لسبب غير معروف فعادت قواتها الى بلدانها ، وقد شاركت في تلك الحملة جميع ألوية العراق اضافة الى القوى والقبائل المحلية المؤيدة للعثمانيين ، حتى ان الشريف سعد شريف مكة البعيد نسبيا كلف بالانضمام الى الحملة ، ومن المرجح مشاركة بني خالد في تلك الحملة نظرا لصراعهم مع المنتفق بزعامة مانع ولصلتهم القوية بالعثمانيين في تلك الفترة ))). ويذكر هذه الحملة أيضا مؤرخ العراق الكبير عباس العزاوي , موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين , المجلد الخامس , ص :161 ((( بذل الوزير مافي وسعه لانقاذ البصرة وجعل معه الوزير حسين باشا محافظ ديار بكر بعساكره. وكذا ولاة كركوك والموصل والرها فهؤلاء أمروا مع كتخدا الباشا بالذهاب الى البصرة حتى أن الشريف سعد (شريف مكة) عين مع هؤلاء وعهد بالقيادة (الامارة) الى الوزير فلم يتيسر له السفر وأن والي ديار بكر حسين باشا توفي في بغداد. رأى الجيش فقدان الارزاق وقلتها فلم يبد رغبة ، وعاد أكثره الى مواطنه))).

هذه الحالة أجبرت الدولة العثمانية على التعاون مع عدوها اللدود الدولة الفارسية (في سابقة في تاريخ العراق) والتقت مصالح الدولتين على الحد من نفوذ هذه الدولة القوية (مملكة المنتفق) وحاكمها الأمير الشريف مانع بن شبيب آل شبيب ، وتم الاتفاق بينهما على قيام حاكم الحويزة (فرج الله) بالهجوم على البصرة وانتزاعها من الأمير الشريف مانع بن شبيب آل شبيب ، وهذا أخر ماكان يتوقعه الأمير مانع نظرا للعداء القائم بين العثمانيين والفرس .. ومايعنيه دخول الفرس للبصرة من أحتمال اندلاع حرب بين الدولتين الكبيرتين ( الدولة العثمانية والدولة الفارسية) ، وقد نجحت الخطة وتم انتزاع البصرة من الأمير مانع من خلال الجبهة الأقل تحصينا وهي الجبهة الفارسية ، حيث كانت قواته منتشرة في الطرق المتوقع هجوم عثماني منها وهذا ماأدى لخسارته للمدينة ، يذكر المؤرخ والمستشرق الألماني البارون ماكس فرايهير فون أوبنهايم ، في كتابه البدو , ج 3 , ص: 595 , متحدثا عن عام 1109 هـ ((( وفي العام نفسه احتل فرج الله بموافقة الحكومة الفارسية والعثمانية البصرة والقرنه ))). يذكر عبدالكريم المنيف الوهبي في كتابه بنو خالد وعلاقتهم بنجد 1080 - 1208 هـ/ 1669 – 1794م ، ص: 391 ((( ومن المحتمل اشتراك بني خالد في الأحداث التي اعقبت ذلك فيما بين عامي 1103 – 1109 هـ ضد مانع الذي استقل بالبصرة ، وماادى اليه من موافقة العثمانيين على التعاون مع الفرس لاستعادتها منه عن طريق والي الحويزة ))).

بعد خسارة الأمير مانع لمدينة البصرة ضرب عليها حصارا طويلا ، وقد كان الاتفاق بين العثمانيين والفرس على تسليم المدينة بعد احتلالها للعثمانيين ، وهو ماقام به حاكم الدولة الفارسية من خلال ارسال مفاتيح المدينة بوفد للخليفة العثماني ، الا ان ولاة الفرس في داخل المدينة رفضوا التسليم وهذا ماادى الى عزل حاكم الحويزة (فرج الله) والذي هرب الى خصمه حاكم مملكة المنتفق الأمير مانع بن شبيب آل شبيب طالبا اللجوء والحماية من الفرس والعثمانيين وقد تناسى الأمير مانع العداء السابق واجاره ، تبع ذلك قيام العثمانيين بتجهيز حملة لإستعادة مدينة البصرة من ولاة الفرس وقد دعم الحملة الأمير مانع بن شبيب آل شبيب مقابل حصوله على عفو لدخيله حاكم الحويزة الأمير فرج الله، وبعد استرداد مدينة البصرة من قبل الحملة العثمانية والتي دعمها الأمير مانع بن شبيب، قام حاكم مملكة المنتفق الأمير الشريف مانع بن شبيب آل شبيب بتجهيز حملة كبيرة لإعادة فرج الله لحكم الحويزة ، بدلا من عمه هيبة الله المعين كحاكم للحويزة من قبل حاكم الدولة الفارسية ، وقد نجحت قوات مملكة المنتفق بذلك، يذكر المؤرخ والمستشرق الألماني البارون ماكس فرايهير فون أوبنهايم ، في كتابه البدو , ج: 4 ، ص: 51 ((( عزل فرج الله فطلب الحماية عند مانع ثم شن بمساعدة المنتفق حملة ضد عمه هيبة (الله). فتصدى له هيبة الله بواسطة قبائل الحويزة، آل كثير وآل خميس و آل فضول (بني لام) ، ولكن دون جدوى . ودخل فرج الله الحويزة منتصرا))).

كان هذا عرض موجز عن فترة حكم الأمير الشريف مانع بن شبيب آل شبيب (الجد الثاني للأمير ثويني بن عبدالله بن محمد بن مانع آل شبيب و جد الأمير سعدون بن محمد بن مانع آل شبيب الذي عرفت الأسرة باسمه لاحقا) ، وهي الفترة التي هزمت فيها الدولة العثمانية في عدة معارك وخسرت العديد من ولاتها وقادة جيوشها في مواجهتها مع مملكة المنتفق ، حتى أطلق المثل ( أمنع من مانع) في العراق بعد أن أجبر الأمير مانع العثمانيين على التعاون ضده حتى مع ألد اعدائهم (الفرس) ، وسوف يكون هنالك باذن الله بحث مفصل وخاص بفترة حكم الأمير مانع لاحقا.


ثانيا- مغامس بن مانع:

بعد وفاة الأمير الشريف مانع بن شبيب آل شبيب حاكم مملكة المنتفق عام 1703م ، تولى الحكم ابنه الأمير مغامس ، وقد كانت الدولة العثمانية ترغب في إضعاف مملكة المنتفق تمهيدا لإسقاطها ولذلك كان العثمانيين على تواصل مع ابن عمه الأمير ناصر بن صقر بن شبيب آل شبيب (نافست ذرية الأمير الشريف صقر بن شبيب آل شبيب – التي دعمها العثمانين- ذرية الأمير الشريف مانع بن شبيب آل شبيب ، على الحكم من فترة حكم مغامس وحتى العام 1769م ، وقد كانوا حكام للسماوة وبدعم عثماني طوال الفترات التي لم يكونوا بها يحكمون مملكة المنتفق)، وقد استطاع الأمير مغامس بن مانع أن يهزم القوات العثمانية وقوات ولد عمه الأمير ناصر بن صقر آل شبيب عدة مرات قبل أن تتاح له الفرصة لإحتلال مدينة البصرة ، يذكر مؤرخ العراق الكبير عباس العزاوي , في موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين , المجلد الخامس , ص :195 ((( استفاد الأمير مغامس بن مانع أمير المنتفق من انحلال البصرة فلم يبق فيها سوى المتسلم، فاستولى عليها))).

حكم الأمير مغامس بن مانع (وهو عم مباشر لوالد الأمير ثويني بن عبدالله) مدينة البصرة لما يقارب 4 سنوات (بعد أن انتزعها من العثمانيين) وأسس فيها حكم مدنيا وجعلها عاصمة لمملكة المنتفق , وعين قاضي للشرع (الشيخ سلمان) وأنشأ المدرسة المغامسية , واخذ الرسوم الجمركية على التجار الأجانب الاوربيين وغيرهم , وقدم اليه الأب (حنا الكرملي) طالبا منه لأسباب انسانيه صك حماية لكنيسة الكرمليين وقد اعطاه الأمير الشريف مغامس بن مانع آل شبيب صك الحماية بعد تصديقه من قاضيه الشيخ سلمان . يذكر مؤرخ العراق الكبير عباس العزاوي ، نص خطاب الأمير مغامس , موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين , ج 5 , ص 196 (((توكلت على الله، تعلمون به الواقفون على كتابنا هذا من كافة خدامنا وعمالنا وضباطنا، بأنا أعطينا حامل الورقة (البادري حنا) على موجب ما بيده من فرمانات أولياء الدولة القاهرة، ومن أوامر الوزراء العظام، والأمراء الكرام، وله منا فوق زيادة الحشمة والرعاية، وقد أسقطنا عن خدامه وترجمانه الجزية والخراج، وكتبنا له هذا الكتاب سنداً بيده يتمسك به لذي الحاجة إليه، وعلى كتابنا هذا غاية الاعتماد، والله تعالى شأنه ولي العباد، وبه كفى.
حُرّر في ثاني وعشرين من شهر رجب الفرد سنة سبعة عشر وماية ألف.
الفقير مغامس آل مانع))).

وهذه صورة للوثيقة التاريخية:

سجل لمشاهدة الروابط

وقد قام الأمير مغامس بن مانع بتأسيس المدرسة المغامسية في البصرة ، يذكرها مؤرخ العراق الكبير عباس العزاوي ، عند حديثه عن حكم المنتفق للبصرة , في موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين , المجلد الخامس , ص 210 (((ان حكم المنتفق على البصرة لم يكن عشائريا . وانما كان هنالك قاضي شرع . وان من بقايا أعمال الأمير مغامس المدرسة المغامسية منسوبة اليه . ولانعرف عنها تفصيلا أكثر من أنها كانت في أقاصي البصرة أسست لتدريس العلوم وأطعام الطعام للطلاب ))).

وقد كانت مدينة البصرة في الفترة السابقة لخضوعها لمملكة المنتفق قد شهدت تنافسا تجاريا حادا بين بريطانيا وهولندا ، استطاع الانجليز حسمه بالطرق السياسية ، مماأدى الى تكبد الهولنديين لخسائر كبيرة ، واستمر الوضع حتى دخل الأمير مغامس بن مانع الى البصرة وقلب موازين القوى في المنطقة ، يذكر المؤرخ حامد البازي ، في كتابه البصرة في الفترة المظلمه ، ص:117 ((( قيل ان خسارة الانكليز بلغت عشرة آلاف ليرة في شهر واحد حيث اقبل الناس على شراء البضائع الهولندية ولكن الانكليز عرفوا كيف يتدبرون الامر فاتصلوا بالحكومة في استنابول حيث فرضت الضرائب الكمركية على الحاجيات الهولندية بمقدار خمسة وعشرين بالمائة بينما خفضت الضريبة على البضائع الانكليزية الى ثلاثة بالمائة حتى بعد مرور شهرين فقدت البضائع الهولندية من أسواق البصرة لعدم اقبال الناس عليها بسبب غلائها. ثم عاد الهولنديون الى البصرة بعد احتلال الشيخ مغامس بن مانع للبصرة))).

وقد قام الأمير مغامس بن مانع وتأكيدا منه على انهاء أي مظهر لما تبقى من نفوذ العثمانيين في الخليج العربي بتوقيع اتفاقية تجارية مع الهولنديين ازاحت الإنجليز (حلفاء العثمانيين في تلك الفترة) من أسواق البصرة ، وصدق هذا العقد في الثاني عشر من الشهر نفسه من قبل قاضي مملكة المنتفق الشيخ سلمان ، حيث حضر اليه في 7 تشرين الثاني في عام 1705م الربان الهولندي (بيتر مكاره Peter Makare ) طالبا منه توقيع عقد اتفاق تجاري يتعلق بالبواخر الهولندية و بالتجارة بين الهولنديين وحكومة الأمير مغامس بن مانع في عاصمة مملكة المنتفق (مدينة البصرة ) وهو ما وافق عليه الأمير مغامس . يذكر المؤرخ حامد البازي في كتابه البصرة في الفترة المظلمه ، ص:117 ((( وبعد هذه المقابلة أصدر الأمير مغامس براءة وحماية بتاريخ 22 رجب 1117هـ - 1705م وعلى اساسها اصبح للهولنديين امتيازات خاصة كما قويت العلاقات بين الجانبين الى درجة اصبحت اسواق البصرة لاتجد فيها غير البضائع والسلع الهولندية))).

ونتيجه لذلك الأنهيار في سلطة الدولة العثمانية في العراق ومنطقة الخليج العربي وخوفهم من أن يتجه تفكير حاكم مملكة المنتفق شمالا الى بغداد ويطردهم منها فقد قامت الدولة العثمانية بتفريغ ولايات عديده من رجالها ومقاتليها وارسالهم الى العراق لإنتزاع البصرة من المنتفق وقد جرى دعم الجيش بقوات محافظ كركوك (يوسف باشا) وقوات والي ديار بكر (رجب باشا) ووالي الموصل (شهسوان باشا) وقاد الجيش والي بغداد (حسن باشا) والذي يعتبر تاريخيا أقوى ولاة الدولة العثمانية وهو المؤسس الحقيقي لحقبة المماليك في العراق , وقد كانت أوامر الخليفة العثماني حاسمة لحسن باشا بضرورة عودة البصرة الى نفوذ الدولة العثمانية , وقد تم تجهيز الجيش بالكثير من قطع المدفعية الجديدة بكامل عدتها وعتادها , ولم تشهد بغداد حتى ذلك الوقت مثل هذا التجمع الضخم عسكريا .

على الجانب المقابل كان الأمير مغامس بن مانع (حاكم مملكة المنتفق) قد جمع قواته والبالغ عددها أكثر من 100 الف مقاتل أكثر من نصفهم من القبائل الخاضعة لحكمه المباشر ( وهو تاريخيا أكبر جيش يقابل الدولة العثمانية في العراق والجزيرة العربية). يذكر جيش الأمير مغامس بن مانع مؤرخ العراق الكبير عباس العزاوي ، في كتابه موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين , المجلد الخامس , ص: 206 ((( وكان جمع الأمير مغامس يبلغ نحو مائة ألف أو يزيدون. انتشروا في الصحاري والمواطن المجاورة))). ثم اندلعت أضخم معركة من الناحية العددية بين العرب والأتراك شهدها العراق بالحقبة العثمانية وقد استمر القتال لأكثر من أسبوع استخدمت فيها القوات العثمانية المدافع وخسر جيش الأمير مغامس بن مانع أكثر من عشرة آلاف مقاتل بسبب تفوق الأسلحة العثمانية. يذكر الدكتور علي الوردي ، الأمير مغامس وجيشه, في كتابه لمحات إجتماعية من تاريخ العراق الحديث , ج1, ص: 97 (((حتى بلغ عدد من معه مائة ألف أو يزيدون. والتقى هذا العدد الضخم بجيش حسن باشا في الصحراء على مقربة من البصرة , فوقعت بينهما معركة طاحنة قيل ان عدد القتلى فيها قد بلغ عشرة آلاف فتكدست جثثهم في ساحة القتال . وانتهت المعركة بانتصار جيش الحكومة فأخذ حسن باشا يعطي الذهب والفضة لكل من يأتيه برأس أحد القتلى أو بقلبه . واعتبرت تلك الواقعة من مفاخر حسن باشا , وحين عاد الى بغداد بعد الانتصار فيها استقبل استقبال الفاتحين ونظم الشعراء في مدحه قصائد عديدة- باللغة الفصحى والعامية – ولقبه بعضهم (أخو فاطمة) . ))) . ويرى مؤرخ العراق الكبير عباس العزاوي بأنه لو قدر لذلك الجيش ان ينتصر (جيش الأمير مغامس بن مانع) لنال العراق بأكمله استقلاله منذ ذلك الحين. فقد كانت قوات الأمير مغامس تتكون من قبائل مملكة المنتفق وقبائل أخرى من العراق وقبائل من بني خالد ومن قبائل نجد ، ولو كان النصر حليفه لمابقي للعثمانيين أي أمل للبقاء في نصف العراق الشمالي (ولاية بغداد وشمال العراق) . يذكرمؤرخ العراق الكبير عباس العزاوي ، عند حديثه عن عرب العراق الذين شاركوا بجيش حاكم مملكة المنتفق الأمير مغامس بن مانع وتحت قيادته , موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين , المجلد الخامس , ص 209 ((( ولو كانت هذه الحرب لصالحهم لاستقلوا من ذلك الحين ولأخفق سعي الدولة ولما بقي لها أمل في كل العراق))).

ويذكر مؤرخ العراق الكبير عباس العزاوي عند حديثه عن العثمانيين والفترة التي تلت معركة الأمير مغامس (1708م) والنضال البطولي لقبائل المنتفق وشيوخهم آل سعدون الأشراف حكام مملكة المنتفق وكيف أنهم جعلوا الأتراك يخافون حتى من ظل العربي في العراق ،موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين , المجلد الخامس , ص 209 ((( قارعهم العرب بعدها مقارعات وبيلة، رأوا العطب منهم وصاروا يخافون من ظل العربي وخياله ومن عرف أن المنتفق قارعوهم أكثر من مائة وسبعين سنة بعد هذا الحادث علم درجة هذه المطاحنات ومقدار النفوس الهالكة في هذا السبيل بل امتد ذلك أكثر وأكثر))). لقد كان وقع الفترة مابين عام 1690م – 1708م شديدا على العثمانيين حيث كادوا يفقدون العراق بأكمله عندما هزمهم حكام مملكة المنتفق آل سعدون الأشراف (آل شبيب سابقا) في تلك الفترة في الكثير من المعارك المتتالية وأجبروهم حتى على التعاون مع الدولة الصفويه (في سابقه من نوعها في تاريخ العراق) وانتزعوا منهم البصرة (أهم ميناء عثماني على الخليج) وافقدوهم مورادهم المادية من هذا الميناء . وعندما نجح حسن باشا باسترداد مدينة البصرة عام 1708م قام المؤرخ العثماني يوسف عزيز المولوي بتأليف كتابه (قويم الفرج بعد الشدة) الذي من اسمه يتضح الحال التي وصلها العثمانيين في تلك الفترة وكيف زلزل أبطال قبائل المنتفق العثمانيين وناضلوا نضال الأبطال لدرجة أن حسن باشا وهو من المماليك قيلت فيه القصائد ولقب بأخو فاطمه وهو غير عربي لكن من هول مارأوه انقلبت لديهم المفاهيم وأصبح يعتزي مثل العرب.

كان هذا عرض موجز عن فترة حكم الأمير الشريف مغامس بن مانع آل شبيب (عم الأمير سعدون بن محمد الذي عرفت باسمه الأسرة لاحقا ، وهو عم والد الأمير الشريف ثويني بن عبدالله بن محمد بن مانع آل شبيب الذي يدور حوله هذا البحث) ، وسوف يكون هنالك باذن الله بحث مفصل وخاص بفترة حكم الأمير مغامس بن مانع لاحقا.


ولد الأشراف غير متواجد حالياً