وفاة الملك مقرن بن أجود:
5- ولا كن بعد ثلاث سنوات مناستيلائه على المدينة، أستنجد الأمير الهرمزي بالقوات البرتغالية، التي كانت الهندمقراً لها، وكانت تغزو البلدان واحداً بعد الآخر، لسلب ثرواتها وأخذ خيراتها، ولقدغزوا الساحل العماني، والذي كان تحت إمرة الملك( مقرن بن أجود)، ولا كنه كانمنشغلاً بحروبه مع الأمير الهرمزي لسيطرة على البحرين وجزرها، ولقد فعلوا بولاياتهذا الساحل الأفاعيل، فلقد دخلوا إحدى المناطق، فقاموا أولاً بدك الأسوار بمدافعالسفن الحربية، ثم دخلوا المدينة، وقاموا بجدع أنوف الأهالي وقتل البعض منهم،وأخذوا كل ممتلكاتهم.
فهذا شيء لا يصدق، من قومأدعوا أنهم أتوا لتحرير الدول، وحمايتهم من ولاة الدولة العثمانية.
وكانقائدهم القائد الشهير واسمه(البوكيرك)، الذي عرف بالعنف والقسوة والشدة والظلم، ولاكن تصدى له الملك (مقرن بن أجود) بشجاعة وإقدام، حيث أنه كان من الذين رفضوا التدخلالأجنبي بالشؤون الداخلية لهم.
فأعد العدة وجهز الجيوش التي تحت إمرته وذلكفي عام (932هـ-1526م) فخرج للقاء القوات البرتغالية التي تجمهرت وتجمعت عند سواحلالبحرين، ونظراً لعدم تكافئ كفتي الميزان إذ رجحت كفت البرتغاليين لوجود أحدثالأسلحة وهي المدافع آن ذاك، ولم يكن لدي جيش الأحساء إلا البنادق الخفيفة، وبعد أنالتقى الجيشان وتقابلت الفرقتان، بدأ إطلاق الأعيرة النارية بين الفرقين، فما لبثواإلا أن هُجمت سفينة الملك، فدخل إليها جمع من الجنود البرتغاليين وقوادهم، فالستلالملك (مقرن بن أجود) سيفه من غمده، وراح يدحرهم بشجاعة وقوة وثبات، ويناضل المعتديالغاشم، فقام أحد القواد بعدما أذخن الملك القتل في جندهم، فصوب
نحوه المسدسفقتله فوقع الملك شهيداً في أرض المعركة، وبين جنوده البواسل الأبطال فحمي الوطيسعلى ظهر سفينته، فقام جماعه من الجنود البرتغاليين، وبكل وحشية وبلا شعور ولاإحساس، فقطعوا رئس الملك مقرن بن أجود وأرسلوه إلى قائدهم (البوكيرك)، ثم أرسله إلىملك البرتغال
ليتفاخروا به.
وما إن سمع حفيد الملك، وهو قائد الجندالأمير حميد(والدقبيلةالخوالد)، فأمر الجيشبالانسحاب الفوري من أرض المعركة، وبكل شجاعة أدى الأمير حميد دوراً بطوليا،ًفستخلص من أيدي الغزاة والطغاة سفينة جده،الملك (مقرن بن أجود)، ثم عاد إلىالأحساء، وقام بدفن جثمان جده من دون الرأس، ولقد كانت مدة ولايته إحدى عشر سنه،وكان عمره في يوم استشهاده ثلاث وتسعين سنه، رحمه الله تعالى وجعله في أعلى منازلالشهداء.
- وعند ما بلغ هذا الأمر إلى المملكة، قام الإستنفار والاستعدادللمعركة الحاسمة، بين الجيش الملكي والقوة البرتغالية، التي تتطفل على المنطقة،فقام أهل الإحساء، بعد دفن الملك الشهيد (مقرن بن أجود) بمبايعة أخوه الملك (علي بنأجود.
الملك علي بن أجود:
هو الملك (علي بنأجود بن زامل بن حسين بن ناصر بن جبر بن حسين بن ناصر بن عقيل بن عامر بن صعصعة بنهوازن من قيس عيلان من مضر العدنانية.
ولد في الأحساء في عام (843هـ-1440م)، أيضاً ولد في حكم عمه (سيف) للمملكة، وهو الابن الثالث للملك (أجودبن زامل)، تول الحكم وهو في سن التاسعة والثمانين من العمر، بايعه الناس بعد دفنأخيه الملك الشهيد (مقرن بن أجود) في عام (932هـ-1526م.
حياة الملك علي بنأجود:
ولاكن كان هناك خلاف بين أفراد الأسرة الحاكمة على الحكم، وتأزمةالأمور أكثر فأكثر، وفي هذا العام انفصلت عمان عن المملكة تحت راية أول حاكموهو(ناصر بن مرشد) أول أئمة اليعاربة في عمان، ولقد كان شديد اليد على البرتغاليينالذين يحتلون ساحل عمان، فناد بالجهاد عليهم بعد توحيد عمان، وقتل البرتغاليين شرقتله، ودك سفنهم التي كانت تجوب
المحيط الهندي والخليج العربي، وهاجمهم فيعقر دارهم في قاعدتهم التي أسسوها في الهند، فدمر حصونهم ومستعمراتهم، وهاجمهم فيأفريقيا،
وبعد موته أخذ الحكم ابن عمه (سلطان) واستمرت ولايتهم حتى نشوب الحربالأهلية في عمان، وذلك بسبب الخلاف الذي ظهر بين أفراد الأسرة الحاكمة.
نهاية الملك علي بن أجود:
وأما حاكم الجبور الملك ( على بن أجود)،فضل في خلاف دائم مع أبناء عمه وأبناء إخوته، حتى ُخلع من على العرش، وأدى انفصالعمان، إلى تأزيم الأمور أكثر، وسارت معظم الدول والمناطق إلى الانفصال عن صلبالدولة والاستغلال بها، كما انفصلت البصرة بحاكمها( راشد بن مغامس)، وستولى (ابنرشيد) على نجد، بعدما قام بأخذ المناطق التي تتبع جبل شمر جغرافياً، وستولى (الشاهعباس الصفوي) حاكم إيران، على جزر البحرين، وانفصلت إمارة الشارقة تحت حاكمها( رحمةبن مطر القاسمي)، وقام هذا الأمير بتوسيع حدود إمارته، فتخذ الشارقة حاضرة لملكة،ثم توجه نحو إمارة عجمان فأخذها، ثم توجه نحو أم القوين فأخذها، ثم توجه نحوالفجيرة فأخذها، ثم توجه نحو رأس الخيمة فأخذها، ولقد كان
هذاالأمير قوي الشكيمة ذا أسطول بحري قوي وكبير، وصار يهاجم السفن المارة بالخليج،ويأخذ الضرائب، ويستولي على المدن والقرى والجزر واحدتاً بعد الأخرة، فتكونت هذهالإمارة القوية والتي استمرت سنوات من بعده.(ومازال أحفاده يحكمون هذه الإمارة،إمارة الشارقة).
ولم تستمر ولاية الملك (علي بن أجود) إلىّ شهر واحد فقط،وحصلت كل هذه الأحداث في هذا الشهر الواحد.
الملك ناصر بنمحمد:
هو الملك ناصر بن محمد بن أجود بن زامل بن حسين بن ناصر بن جبر بنحسين بن ناصر بن عقيل بن عامر بن صعصعة بن هوازن من قيس عيلان من مضر العدنانية.
ولا يتوفر لدينا أي أخبار أو معلومات عن فترة حكمه،
إلاّ نسبه، وإنه تولى مقاليد الحكم عام( 932هـ-1526م)،
وانتهى حكمه عام(936هـ-1530م)،وكانت مدة ولايته
أربع سنوات هجرية، وثلاثة سنوات ميلادية.
الملك فلانبن قطن:
هو الملك ( فلان بن قطن بن قطن بن علي بن هلال بن زامل بن حسين بنناصر بن جبر بن حسين بن ناصر بن عقيل بن عامر بن صعصعة بن هوازن من قيس عيلان منمضر العدنانية).
ولا يتوفر لدينا أي أخبار أو معلومات عن فترةحكمه،
إلاّ نسبه، و إنه تولى مقاليد الحكم عام( 937هـ-1531م ،
وانتهىحكمه عام(937هـ-1531م)، وكانت مدة ولايته شهر واحد هجرية، وسبعة وعشرين يومميلادي.
الملك غصيب بن زامل:
هو الملك(غصيب بن زامل بن هلال بن زاملبن حسين بن ناصر بن جبر بن حسين بن ناصر بن عقيل بن عامر بن صعصعة بن هوازن من قيسعيلان من مضر العدنانية.
ولا يتوفر لدينا أي أخبار أو معلوماتعن فترة حكمه،
إلاّ نسبه، و إنه تولى مقاليد الحكم عام( 937هـ-1531م)،
ولا نعلم تاريخ انتهاء حكمه.
ولا نعلم عن الملوك الذينأتوا من بعده، حتى تاريخ السقوط.
وفي عام (1000هـ-1594م) احتلت الدولةالعثمانية الأحساء، وسقطت مملكة الجبور، بعد أربعة قرون وتسعة وسبعين سنة منقيامها، ولقد تعاقب على حكمها أكثر من عشرة ملوك، فسبحان من لا يزولملكه(1).
وفي هذا العام نفسه دخل أعقاب الملك أجود بن زامل في عشائر العراق،ولقد اختفوا وتواروا عن الأنظار لأنهم كانوا مطلوبين من قبل العثمانيين، وخافوامنهم فقاموا بتغير نسبهم من عامر بن صعصعة إلى شمر الطائية،
لتذهب عنهمالأنظار وتغيب عنهم العيون.
ولذلك نجد كثير من الكتاب ينسبونهم إلى شمرالطائية، ولقد شاع هذا الخطأ في أيامنا هذه، والبعض نسبوهم إلى غزية وهذا أيضاً خطأآخر لا يأخذ به.
القضاء في الدولة الجبرية:
هذا ومع أن صعدوا سياسياًوبشكل بارز بحكم منطقة الخليج من خلال القرن التاسع، ولكون القضاء أمر ثابت فيالشريعة الإسلامية، فقد أولاه ملوك الجبور أهمية بالغلة لما لهم وأهالي المنطقة منحاجة هامة، وتطور النظام القضائي في عهدهم، مع أن المنطقة عرفت القضاء الإسلاميوطبقته في ربوعها، منذ دخولها طواعية في دوحة الإسلام الوارفة في
السنة التاسعةللهجرة أثر الوفادة الثانية (لبني عبد القيس) سكان المنطقة آنذاك على {النبي صلىالله عليه وسلم}.
ومع أن الجبور عمموا بالمنطقة المذهب (المالكي) في عهدالملك (زامل بن أجود)، إلا أنه لم يأخذ به جميع المنتمين لسلطة الجبور، بحيثكانت
(1)- كل الأخبار السابقة من كتاب( تحفة المشتاق في أخبار نجدوالحجاز والعراق- للشيخ: حمد البسام ).
المنطقة في أعلى درجةسلطة الجبور، يوجد فيها من يعتقد بمختلف المذاهب، سواء كانت مذاهب سنية أو شيعية،بحيث إن الجبور لم يفرضوا بالقوة على كل أتباعهم الأخذ بمذهب الإمام (مالك) كماتوهم بعض الناس.
من تشجيع لطلاب العلم والعلماء، وإيجاد كثير من الأربطة العلميةفي كل من هجر والقطيف وكذلك جزر البحرين، بحيث إنه في عهدهم كثر العلماء على مختلفمللهم، واستفاد منهم الكثير من طلاب العلم الذين وفدوا على المنطقة، ومن ثم عادوابما كسبوه لبلدانهم ليصبحوا بها بعد ذلك بارزين عند مجتمعاتهم، ويقول أحد المؤرخينفي مخطوطته كما خرج الفضل وزير الخليفة الحافظ سنة(524 – 544هـ)) الذي كان يدينبمذهب الإمامية الإثني عشرية، وعين سنة (525هـ) أربعة من القضاة اثنين من الشيعةواثنين من السنة، أخذ أحد ملوك الجبور في هجر هذا المسلك، واتخذ في بعض القضاياالتي تقام بين خصمين من السنة والشيعة، قاضياً من السنة وآخر من الشيعة، للنظر بمثلهذه الدعاوى، بحيث نجد أن هناك بعض من الوقفيات في كل من هجر والقطيف، تم العملبإثباتها في عهد الجبور وكانت تحمل توقيع قضاة من السنة وبعضها يحمل توقيع قضاة منالشيعة، كما أن البعض من تلك الأوقاف الخيرية يحمل تواقيع مشتركة من قضاة سنةوشيعة.