قصة خادم
وتتحدث جويدان عن الخادم الأمين للخديوي والذي كان يدعى فخر الدين، ولهذا الرجل قصة غريبة، فكان معروفا أنه أقوى رجل في المدينة وكان مشهورا بالصدق والوفاء بالوعد، وكان يعيش مع زوجته وأولاده من قطعة أرض يزرعها بنفسه، وكان يجيد الرماية لدرجة أنه يستطيع أن يصيب طائرا في الجو ويوضح مكان الإصابة.
وحدث أن جلس فخر الدين يوما في قهوة يعزف فيها موسيقيان – رجل وفتاة – وكانت الفتاة قد أعجبت بفخر الدين، ولأمر ما أهان الموسيقي زميلته، فلم يرق هذا لفخر الدين فتقدم إلى الرجل وقال له "إنك تستحق الموت من أجل هذه الإهانة، ولكني سأمنحك فرصة تحاول فيها خلاص نفسك، فإن استطعت أن تعزف على ظهر الكمنجة لحنا تسمعه أذناي فأنت ناج، وإلا فالموت لك".
ووقف فخر الدين والمسدس في يده، وكان طبيعيا أن الخشب لا يعطي لحنا، وفي الحال خرجت الرصاصة من المسدس فأصابت ما بين عيني الرجل. وذهب فخر الدين إلى بيته وجاء وراءه البوليس لكنه رفض أن يخرج مقبوضا عليه، وقال لرجال البوليس "اذهبوا وسأحضر بنفسي".
ولما كان رجال البوليس يعرفون أن الرجل لا يكذب فقد تركوه، وفعلا ذهب بنفسه، فلما فتحوا له باب السجن نظر إليهم بسخرية وقال "لقد وعدتكم بأن أسلم نفسي وها قد فعلت، ولكني أقسم لكم إني لن أمكث طويلا في هذا السجن". وبالفعل لم يحن المساء حتى كان فخر الدين يقترب من يخت المحروسة في قارب صغير، فوثق به الخديوي من أول نظرة، ومنذ ذلك الحين أصبح خادما أمينا وحارسا خاصا للخديوي.