العداء بين الخديوي وكرومر
جلس الخديوي عباس حلمي الثاني على العرش وهو في الثامنة عشرة من عمره، ولما تولى العرش لم يجد في بداية حكمه تعضيدا كافيا، وكان اللورد كرومر لا ينظر إليه إلا كرئيس عنيد الرأي، على حين كان يشعر –كرومر- أنه هو الحاكم الحقيقي وكان هذا كافيا لأن ينظر اللودر إلى الخديوي كدمية يجب عليها الطاعة.. لكن الطاعة كانت غريبة على خلق الخديوي منذ الصغر، وكان قوي العزم عنيد الرأي، وفوق ذلك محبا للكفاح.
وتقول جويدان أنه ليس من المعقول أن خديويا - ولو كان نصف وطني فقط – يتقبل صداقة ديكتاتور أرغم على قبوله من قوة معادية، وكل نظرة إليه تذكره بضعف بلاده وهزيمة أسلافه، فكان أصعب وقت مر على الخديوي هو الوقت الذي امتد فيه ظل كرورمر في مصر.
وتحكي عن الخديوي أنه كان سريع الحركة لا يكل العمل ولا يمله، وكثيرا ما كان العمل يمنعه من تناول الطعام في مواعيده، وكان في أوروبا يميل إلى الأماكن المزدحمة بالناس، ولعل ذلك ناشيء من حياة العزلة التي يحياها في مصر، حيث لا يخرج إلا في حرسه ويقف كردون العساكر بينه وبين الجمهور.. وكان الخديوي يحب زيارة الأسواق والمعارض ودراسة الآلات وخصوصا القاطرات وكان يسوق القطار بمهارة فائقة.