المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دور الآباء في تنمية ذكاء الأبناء


الخالد
18-12-2007, 10:20 PM
د. منير عبدالمجيد السيد



يؤمن فريق من علماء النفس بأن الذكاء موروث، وقد أجرى هذا الفريق عدداً من البحوث أثبتت أن الذكاء موروث. كما يؤمن عدد آخر بأن البيئة التي نشأ فيها الطفل لها تأثر كبير على مستوى ذكائه؛ فإما أن تساعده على رفع مستوى ذكائه ـ إذا أحيط ببيئة ثرية، مستنيرة، متفهمة، تستثير استعداداته للنمو ـ، أو أنها تعوق نمو ذكائه ـ إذا أحيط ببيئة فقيرة، حُرم فيها من فرص النمو اللغوي والاتصال بالمجتمع المحيط به، وحرم من تنمية قدراته ومهاراته، واكتساب الخبرات المختلفة!!

وفي هذا المجال يرى عالم النفس "ولبي" (Wolepy) أن ناتج الطفل عبارة عن ناتج تركيبة من الوراثة والتعلم، الذي اكتسبه نتيجة تعرضه للمثيرات التي أحاطت به في بيئته، التي أنتجت اتجاهات وأفكاراً ومشاعر وتعبيرات، إما إيجابية أو سلبية، لذلك يعد اهتمام الآباء بالصحة الجسمية للأبناء أساساً لأي سواء عقلي ونفسي.

فسلامة الحواس (البصر والسمع واللمس والشم والذوق)، وسلامة المخ والأعصاب، وأعضاء الحركة، وأجهزة الجسم، لها تأثير مباشر على تنمية قدرات الطفل ومهاراته، وقدرته على التفاعل مع البيئة، وقدرته على التعلم واكتساب الخبرة؛ وبالتالي لها تأثير قوي على مستوى نمو ذكاء الأبناء. وعدم كفاءة أي عضو في الجسم أو عجزه يؤثر على قدرة الطفل على التعلم، وعلى فكرته عن نفسه، وعلى شعوره بالنقص، وعلى قدرته على التفاعل مع البيئة؛ وبالتالي يحرمه من فرص نمو ذكائه، فطفل آفينون المتوحش، لم تفلح معه جهود العلماء لتعليمه الكلام؛ لأنه نشأ في بيئة حرمته من كل خبرة إنسانية، فبقي مستوى ذكائه في مستوى متدنٍ.

ووفق نظريات علم النفس وبحوثه، عرَّف العلماء الذكاء تعريفات مختلفة، منها تعريف بيئته، الذي عرَّفه بأنه الحكم الصحيح والفهم الصحيح والاستدلال والاستنباط. وتعريف الفن أنه القدرة على التعلم، وتعريف "أحمد عزت راجح" بأنه القدرة على التعلم، واستخدام الفرد ما تعلمه في التكيف مع المواقف الجديدة وحل المشكلات.

ويعرفه "هايم" (Heim) سنة 1970م، بأنه ملاحظة الأساسيات في موقف معين والاستجابة المناسبة. بينما يرى "استز" (Estes) سنة 1982م أن الذكاء أسلوب من السلوك يتحدد بالتفكير والدوافع؛ فالذكاء في نظره صفة وليس اسماً، حيث إن الطفل يسأل سؤالاً ذكياً ويسلك سلوكاً ذكياً.

ويعرف "أحمد زكي صالح" الذكاء، أي القدرة وراء جميع أساليب النشاط المعرفي. بينما يرى "تيرمان" أن الذكاء هو التفكير المجرد، ويرى "ثيرستون" أن الذكاء يتكون من عوامل إدراكية وعددية ولغوية وتذكر ومساحية، واستخدام هذه القدرات في الاستنباط والاستدلال، ونظر "جيلفورد" إلى الذكاء على أنه حصيلة خمس عمليات عقلية، معرفية، وتذكر، وتفكير تقاربي، وتفكير تباعدي، وتقويم.

وبناءً على هذه التعريفات وهذه المفاهيم الخاصة بالذكاء، يستطيع الآباء المستنيرون أن يبتكروا الأساليب التي يمكن أن تساعد على تنمية الذكاء عند الأبناء، ولابد أن يكون الطفل قد ورث قدراً من الاستعدادات العقلية تضعه في مستوى ذكائه. وتختلف التقنيات التي يتبعها الآباء لتنمية ذكاء الأبناء، باختلاف أعمار الأبناء ومستوى نضجهم الجسمي والعقلي والاجتماعي والنفسي. ويعتمد نجاح الآباء في تحقيق هذا الهدف على درجة قدرتهم على إثراء البيئة التي يعيش فيها الأبناء، والاتجاهات النفسية الإيجابية التي يحيطونهم بها. ومن هذه التقنيات ما يلي:

يرتبط الذكاء بالقدرة اللغوية ارتباطاً عالياً، ولذلك من أهم ما يعمله الآباء لتنمية ذكاء أبنائهم، تنمية قدرتهم اللغوية، وذلك بالكلام معهم في أعمارهم المختلفة، والاستماع إليهم، وتقدير أسئلتهم، والإجابة عن هذه الأسئلة بترحاب وصبر.

والغناء مع الأطفال الأغاني التي يحبونها، بقص القصص عليهم (قصة قبل النوم) بإحاطتهم في الطفولة المبكرة بالكتب الملونة والموسوعات المصورة، واللوحات المكتوب عليها عبارات من أحاديثهم وخبراتهم، والتي تتضمن رسوماً يحبونها وتستثير خيالهم.

ويتطور الاهتمام بالقدرة اللغوية مع نموهم في العمر الزمني، بتنوع الكتب والمجلات التي يقرؤونها، وسماعهم التسجيلات والقصص والتمثيليات والشعر، وتفاعلهم مع ألعاب الكمبيوتر التربوية، وغيرها. وبتشجيع الأبناء على الكلام مع أفراد الأسرة، الإخوة والأخوات والأجداد، ومع الزملاء، واللعب والتفاعل معهم في داخل المنزل وخارجه.

وبناءً على تعريف الذكاء على أنه قدرة القدرات، أي القدرة التي تجمع إلى جانب القدرة اللغوية، القدرة العددية والمكانية والميكانيكية والمساحية، فيمكن للآباء أن يساعدوا أبناءهم على أن ينفتحوا على البيئة المحيطة، وأن يدربوهم على التفكير المنطقي، والاستنباط، وعلى السؤال، وعلى الكشف. وأن يحيطوهم ببعض الألعاب التي تستثير تفكيرهم؛ فألعاب مشابهة للوحة "سيجا" والشطرنج ولعبة كيم التي يلعبها الكشافة، تعمل على تنمية الذاكرة وتحدي قدراتهم العقلية وازدهارها.

كما أن الأطفال عندهم الدافع إلى الحل والتركيب، ويمكن أن يستغل الآباء هذا الدافع في تنمية ذكاء أبنائهم، بألا يعترضوا على لعب الأبناء بالأجهزة القديمة رغبة في حلها وكشف ما بداخلها، بل عليهم أن يوفروا لهم هذه الأجهزة، مثل المنبه القديم، أو المكواة، أو الراديو، أو التلفزيون القديم، فيكتشف الأبناء ما بداخلها، ويحاولون أن يدركوا العلاقات بين أجزائها، فيشبعوا فضولهم، ويكتشفوا القوى المحركة الميكانيكية أو دور الكهرباء في تشغيل الجهاز.

هذه التساؤلات التي يثيرها الأبناء، وهذه المعلومات التي يكتشفونها، هي الطريق السليم إلى التعلم، واكتساب الخبرة، وتوضيح المفاهيم، واكتساب المهارات، وكلها مداخل لرفع مستوى ذكاء الأبناء.

كذلك توفير الفرص للأبناء للقيام بأعمال تكسبهم مهارات في مجال الرسم والأشغال اليدوية والنجارة والكهرباء وميكانيكا السيارات، تكسبهم معارف ومفاهيم ومهارات تمكنهم من تفاعل أفضل مع المجتمع، وتوافق أقدر؛ مما يكون له الأثر على رفع مستوى الذكاء.

توفير الفرص للأبناء لتحمل مسؤولية حل المشكلات التي تواجههم، والتي تتحدى تفكيرهم، وتكسبهم الشعور بالنجاح، والثقة بالنفس، وترفع مستوى ذكائهم.

أن يتيح الآباء الفرصة لأبنائهم لإثارة الأسئلة، والبحث عن إجابات لها؛ فإثارة الأسئلة لها تأثير متبادل مع الذكاء، فالذكاء يمكِّن الأبناء من إثارة الأسئلة الذكية، وإثارة الأسئلة ترفع من مستوى الذكاء.

والأسر المسلمة العربية تسعى ـ بحكم التربية الإسلامية ـ لأن يحفظ الأبناء بعض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة؛ مما يقوي الذاكرة، ويعطي الطفل ثروة لغوية، ترفع من مستوى ذكائه.

وعلى الآباء أن يحملوا الأبناء مسوؤليات في مستويات أعمارهم المختلفة تتعلق بالعمليات الحسابية الخاصة بالمنزل، والشراء من الأسواق، بما تتضمنه هذه العمليات من جمع وطرح وضرب وقسمة ولعب بالأرقام، وبالمسلسلات الرقمية، والعلاقات والمتعلقات.

تنمية المهارات الاجتماعية، وتقبل الآخر، والنجاح في التعامل الاجتماعي مع الأطفال الآخرين في ظل قيم يحترمها المجتمع، يكسب الأبناء الشعور بالاطمئنان والثقة بالنفس، والنجاح الذي يكسبهم القدرة على إدراك العلاقات والاستنباط وتنمية التفكير والتقويم.

وعي الآباء بالنواحي النفسية للطفل، مدخل أساسي لإمكان تنمية ذكاء الأبناء. فيجب على الآباء أن يعوا أهمية الحب الذي يقدمونه إلى الأبناء، وإلى التقبل والتشجيع، وشعور الأبناء بالأمن ودفعهم للتفاعل مع البيئة المحيطة بهم في المنزل وخارجه.

وإذا كان الآباء يبدؤون مع الأبناء في طفولتهم المبكرة بتعريضهم للمحسوسات لتكوين المدركات والمفاهيم، فعليهم أن يتدرجوا معهم للانتقال إلى المعاني والمفاهيم والتعميمات والمجردات، وذلك بتعريضهم لقراءة الكتب التي تتناول هذه المفاهيم المجردة، وأن تكون موضع مناقشة معهم، وأن يستمعوا إلى ما يثيره المتحدثون في الراديو والتليفزيون من قضايا، وأن تكون موضع تحليل وتقويم وتفسير.

كما أن إقامة علاقة مستمرة واعية مع المدرسة في مراحل تعليم الأبناء المختلفة، أمر مهم لاستمرار التعاون مع المدرسين لتعريض الأبناء للخبرات التي تنمي عندهم الذاكرة والتفكير التقاربي، والتفكير التباعدي، والقدرة على التقويم، وتثري حياتهم العقلية وترفع مستوى ذكائهم.

alkether
21-12-2007, 02:17 AM
شكراً على المواضيع القيمة

رحال
21-12-2007, 05:51 PM
من ناحيتي انا نسخت الموضوع وابقراه علي رواقه

تركى
23-12-2007, 08:07 PM
بارك الله فيك؛؛


وشكرا على الموضوع القيم والمفيد؛؛


يعطيك العافيه ؛؛


وتقبل مروري؛؛

وريث المطاليق
28-12-2007, 09:03 PM
بارك الله بك , شكراً أخي الكريم

الخالد
31-12-2007, 12:45 AM
حياااااااكم الله :)

العنــ آخر ــقــود
31-12-2007, 11:14 AM
فعلا للآباء دور كبير في بناء شخصيات ابنائهم و تطويرها و دفعهم لكل ما من شأنه ان يجعلهم من خيرة البشر ..

الله يعينهم على مهمتهم الصعبة والتي سيؤجرون عليها بإذن الله ..

مهما سوينا ما نلحق جزى الوالدين ...

شكر كثيري على الموضوع :)

تحياتي ..

:ward